كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

ما أخرجه الدليل والدليل عندهم هو نص أو ظاهر من الكتاب أو السنة ولم يكن هناك دليل مسموع صحيح وجب أن يبقى العبد على أصله ويشبه أن يكون قياس الطلاق على الحد غير سديد لأن المقصود بنقصان الحد رخصة للعبد لمكان نقصه وأن الفاحشة ليست تقبح منه قبحها من الحر.
وأما نقصان الطلاق فهو من باب التغليظ لأن وقوع التحريم على الإنسان بتطليقتين أغلظ من وقوعه بثلاث لما عسى أن يقع في ذلك من الندم والشرع إنما سلك في ذلك سبيل الوسط وذلك أنه لو كانت الرجعة دائمة بيد الزوجة لعنتت المرأة وشقيت ولو كانت البينونة واقعة في الطلقة الواحدة لعنت الزوج من قبل الندم وكان ذلك عسرا عليه فجمع الله بهذه الشريعة بين المصلحتين ولذلك ما نرى والله أعلم أن من ألزم الطلاق الثلاث في واحدة فقد رفع الحكمة الموجودة في هذه السنة المشروعة.
الباب الثاني في معرفة الطلاق السني من البدعي
أجمع العلماء على أن المطلق للسنة في المدخول بها هو الذي يطلق امرأته في طهر لم يمسها فيه طلقة واحدة وأن المطلق في الحيض أو الطهر الذي مسها فيه غير مطلق للسنة وإنما أجمعوا على هذا لما ثبت من حديث ابن عمر " أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: مره فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء".
واختلفوا من هذا الباب في ثلاثة مواضع: الموضع الأول: هل من شرطه أن لا يتبعها طلاقا في العدة؟. والثاني: هل المطلق ثلاثا: أعني بلفظ الثلاث مطلق للسنة أم لا؟ والثالث: في حكم من طلق في وقت الحيض.
(أما الموضع الأول) فإنه اختلف فيه مالك وأبو حنيفة ومن تبعهما فقال مالك: من شرطها أن لا يتبعها في العدة طلاقا آخر.
وقال أبو حنيفة: إن طلقها عند كل طهر طلقة واحدة كان مطلقا للسنة.
وسبب هذا الاختلاف:
هل من شرط هذا الطلاق أن يكون في حال الزوجية بعد رجعة أم ليس من

الصفحة 63