كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

فحديث ابن عباس " أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين ولكن أكره الكفر بعد الدخول في الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:اقبل الحديقة وطلقها طلقة واحدة " خرجه بهذا اللفظ البخاري وأبو داود والنسائي وهو حديث متفق على صحته وشذ أبو بكر ابن عبد الله المزيني عن الجمهور فقال: لا يحل للزوج أن يأخذ من زوجته شيئا واستدل على ذلك بأنه زعم أن قوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} منسوخ بقوله تعالى: { وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً} الآية.
والجمهور على أن معنى ذلك بغير رضاها وأما برضاها فجائز.
فسبب الخلاف حمل هذا اللفظ على عمومه أو على خصوصه.
الفصل الثاني في شروط وقوعه
فأما شروط جوازه فمنها ما يرجع إلى القدر الذي يجوز فيه ومنها ما يرجع إلى صفة الشيء الذي يجوز به ومنها ما يرجع إلى الحال التي يجوز فيها ومنها ما يرجع إلى صفة من يجوز له الخلع من النساء أو من أوليائهن ممن لا تملك أمرها ففي هذا الفصل أربع مسائل:
(المسألة الأولى) أما مقدار ما يجوز لها أن تختلع به فإن مالكا والشافعي وجماعة قالوا: جائز أن تختلع المرأة بأكثر مما يصير لها من الزوج في صداقها إذا كان النشوز من قبلها وبمثله وبأقل منه.
وقال قائلون: ليس له أن يأخذ أكثر مما أعطاها على ظاهر حديث ثابت.
فمن شبهه بسائر الأعواض في المعاملات رأى أن القدر فيه راجع إلى الرضا ومن أخذ بظاهر الحديث لم يجز أكثر من ذلك.
وكأنه رآه من باب أخذ المال بغير حق.
(المسألة الثانية) وأما صفة العوض فإن الشافعي وأبا حنيفة يشترطان فيه أن يكون معلوم الصفة ومعلوم الوجوب.
ومالك يجيز فيه المجهول الوجود

الصفحة 67