كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

هل يقع بلفظ الطلاق في المدخول بها طلاق بائن إذا قصد ذلك المطلق ولم يكن هنالك عوض؟ فقيل يقع وقيل لا يقع وهذه المسألة من مسائل أحكام صريح ألفاظ الطلاق وأما ألفاظ الطلاق التي ليست بصريح فمنها ما هي كناية ظاهرة عند مالك ومنها ما هي كناية محتملة.
ومذهب مالك أنه إذا ادعى في الكناية الظاهرة أنه لم يرد طلاقا لم يقبل قوله إلا أن تكون هنالك قرينة تدل على ذلك كرأيه في الصريح وكذلك لا يقبل عنده ما يدعيه من دون الثلاث في الكنايات الظاهرة وذلك في المدخول بها إلا أن يكون قال ذلك في الخلع.
وأما غيرالمدخول بها فيصدقه في الكناية الظاهرة فيما دون الثلاث لأن طلاق غير المدخول بها بائن وهذه هي مثل قولهم: حبلك على غاربك ومثل البتة ومثل قولهم: أنت خلية وبرية.
وأما مذهب الشافعي في الكنايات الظاهرة فإنه يرجع في ذلك إلى ما نواه فإن كان نوى طلاقا كان طلاقا وإن كان نوى ثلاثا كان ثلاثا أو واحدة كان واحدة ويصدق في ذلك.
وقول أبي حنيفة في ذلك مثل قول الشافعي إلا أنه إذا نوى على أصله واحدة أو اثنتين وقع عنده طلقة واحدة بائنة وإن اقترنت به قرينة تدل على الطلاق وزعم أنه لم ينوه لم يصدق وذلك إذا كان عنده في مذاكرته الطلاق.
وأبو حنيفة يطلق بالكنايات كلها إذا اقترنت بها هذه القرينة إلا أربع: حبلك على غاربك واعتدي واستبرئي.
وتقنعي لأنها عنده من المحتملة غير الظاهرة.
وأما ألفاظ الطلاق المحتملة غير الظاهرة فعند مالك أنه يعتبر فيها نيته كالحال عند الشافعي في الكناية الظاهرة وخالفه في ذلك جمهور العلماء فقالوا: ليس فيها شيء وإن نوى طلاقا فيتحصل في الكنايات الظاهرة ثلاثة أقوال: قول أن يصدق بإطلاق.
وهو قول الشافعي وقول إنه لا يصدق بإطلاق إلا أن يكون هنالك قرينة وهو قول مالك وقول إنه يصدق إلا أن يكون في مذاكرة الطلاق وهو قول أبي حنيفة.
وفي المذهب خلاف في مسائل يتردد حملها بين الظاهر والمحتمل وبين قوتها وضعفها في الدلالة على صفة البينونة فوقع فيها الاختلاف وهي راجعة إلى هذه الأصول وإنما صار مالك إلى أنه لا يقبل قوله في الكنايات الظاهرة إنه لم يرد به طلاقا لأن العرف اللغوي

الصفحة 76