كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

استثنى الأكثر من الأقل فيتوجه فيه قولان أحدهما أن الاستثناء لا يصح وهو مبني على من منع أن يستثني الأكثر من الأقل.
والآخر أن الاستثناء يصح وهو قول مالك.
وأما إذا استثنى ذلك العدد بعينه مثل أن يقول أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا فإن مالكا قال يقع الطلاق لأنه اتهمه على أنه رجوع منه.
وأما إذا لم يقل بالتهمة وكان قصده بذلك استحالة وقوع.
الطلاق فلا طلاق عليه.
كما لو قال أنت طالق لا طالق معا.
فإن وقوع الشيء مع ضده مستحيل.
وشذ أبو محمد بن حزم فقال لا يقع طلاق بصفة لم تقع بعد ولا بفعل لم يقع لأن الطلاق لا يقع في وقت وقوعه إلا بإيقاع من يطلق في ذلك الوقت ولا دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع على وقوع طلاق في وقت لم يوقعه فيه المطلق وإنما ألزم نفسه إيقاعه فيه فإن قلنا باللزوم لزم أن يوقف عند ذلك الوقت حتى يوقع.
هذا قياس قوله عندي وحجته.
وإن كنت لست أذكر في هذا الوقت احتجاجه في ذلك.
الباب الثاني في المطلق الجائز الطلاق
واتفقوا على أنه الزوج العاقل البالغ الحر غير المكره واختلفوا في طلاق المكره والسكران وطلاق المريض وطلاق المقارب للبلوغ.
واتفقوا على أنه يقع طلاق المريض إن صح واختلفوا هل ترثه إن مات أم لا فأما طلاق المكره فإنه غير واقع عند مالك والشافعي وأحمد وداود وجماعة وبه قال عبد الله بن عمر وابن الزبير وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس وفرق أصحاب الشافعي بين أن ينوي الطلاق أو لا ينوي شيئا فإن نوى الطلاق فعنهم قولان أصحهما لزومه وإن لم ينو فقولان أصحهما أنه لا يلزم وقال أبو حنيفة وأصحابه هو واقع
وكذلك عتقه دون بيعه ففرقوا بين البيع والطلاق والعتق.
وسبب الخلاف:
هل المطلق من قبل الإكراه مختار أم ليس بمختار لأنه ليس يكره على اللفظ إذ كان اللفظ إنما يقع باختياره.
والمكره على الحقيقة هو الذي لم يكن له اختيار في إيقاع الشيء أصلا وكل واحد من الفريقين يحتج بقوله عليه الصلاة والسلام :"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ولكن الأظهر أن المكره على الطلاق وإن كان موقعا للفظ

الصفحة 81