كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

وممن قال بهذا أحمد وابن أبي ليلى وقال قوم بل ترث كانت في العدة أو لم تكن تزوجت أم لم تتزوج وهو مذهب مالك والليث.
وسبب الخلاف:
اختلافهم في وجوب العمل بسد الذرائع وذلك أنه لما كان المريض يتهم في أن يكون إنما طلق في مرضه زوجته ليقطع حظها من الميراث فمن قال بسد الذرائع أوجب ميراثها ومن لم يقل بسد الذرائع ولحظ وجوب الطلاق لم يوجب لها ميراثا وذلك أن هذه الطائفة تقول إن كان الطلاق قد وقع فيجب أن يقع بجميع أحكامه لأنهم قالوا إنه لا يرثها إن ماتت.
وإن كان لم يقع فالزوجية باقية بجميع أحكامها ولا بد لخصومهم من أحد الجوابين لأنه يعسر أن يقال إن في الشرع نوعا من الطلاق توجد له بعض أحكام الطلاق وبعض أحكام الزوجية وأعسر من ذلك القول بالفرق بين أن يصح أو لا يصح لأن هذا يكون طلاقا موقوف الحكم إلى أن يصح أو لا يصح وهذا كله مما يعسر القول به في الشرع ولكن إنما أنس القائلون به أنه فتوى عثمان وعمر حتى زعمت المالكية أنه إجماع الصحابة ولا معنى لقولهم فإن الخلاف فيه عن ابن الزبير مشهور.
وأما من رأى أنها ترث في العدة فلأن العدة عنده من بعض أحكام الزوجية وكأنه شبهها بالمطلقة الرجعية وروي هذا القول عن عمر وعن عائشة.
وأما من اشترط في توريثها ما لم تتزوج فإنه لحظ في ذلك إجماع المسلمين على أن المرأة الواحدة لا ترث زوجين ولكون التهمة هي العلة عند الذين أوجبوا الميراث.
واختلفوا إذا طلبت هي الطلاق أو ملكها أمرها الزوج فطلقت نفسها فقال أبو حنيفة لا ترث أصلا وفرق الأوزاعي بين التمليك والطلاق فقال ليس لها الميراث في التمليك ولها في الطلاق.
وسوى مالك في ذلك كله حتى لقد قال إن ماتت لا يرثها وترثه هي إن مات وهذا مخالف للأصول جدا.
الباب الثالث فيمن يتعلق به الطلاق من النساء ومن لا يتعلق
وأما من يقع طلاقه من النساء فإنهم اتفقوا على أن الطلاق يقع على النساء اللاتي في عصمة أزواجهن أو قبل أن تنقضي عددهن في الطلاق الرجعي،

الصفحة 83