وأنه لا يقع على الأجنبيات أعني الطلاق المعلق. وأما تعليق الطلاق على الأجنبيات بشرط التزويج مثل أن يقول إن نكحت فلانة فهي طالق فإن للعلماء في ذلك ثلاثة مذاهب قول إن الطلاق لا يتعلق بأجنبية أصلا عم المطلق أو خص وهو قول الشافعي وأحمد وداود وجماعة وقول إنه يتعلق بشرط التزويج عمم المطلق جميع النساء أو خصص وهو قول أبي حنيفة وجماعة وقول إنه إن عم جميع النساء لم يلزمه وإن خصص لزمه وهو قول مالك وأصحابه أعني مثل أن يقول كل امرأة أتزوجها من بني فلان أو من بلد كذا فهي طالق وكذلك في وقت كذا فإن هؤلاء يطلقن عند مالك إذا زوجن.
وسبب الخلاف:
هل من شرط وقوع الطلاق وجود الملك متقدما بالزمان على الطلاق أم ليس ذلك من شرطه فمن قال هو من شرطه قال لا يتعلق الطلاق بالأجنبية ومن قال ليس من شرطه إلا وجود الملك فقط قال يقع بالأجنبية.
وأما الفرق بين التعميم والتخصيص فاستحسان مبني على المصلحة وذلك أنه إذا عمم فأوجبنا عليه التعميم لم يجد سبيلا إلى النكاح الحلال فكان ذلك عنتا به وحرجا وكأنه من باب نذر المعصية وأما إذا خصص فليس الأمر كذلك إذا ألزمناه الطلاق واحتج الشافعي بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا طلاق إلا من بعد نكاح" وفي رواية أخرى "لا طلاق فيما لا يملك ولا عتق فيما لا يملك" وثبت ذلك عن علي ومعاذ وجابر بن عبد الله وابن عباس وعائشة وروي مثل قول أبي حنيفة عن عمر وابن مسعود وضعف قوم الرواية بذلك عن عمر رضي الله عنهم.
(الجملة الثالثة في الرجعة بعد الطلاق).
ولما كان الطلاق على ضربين بائن ورجعي وكانت أحكام الرجعة بعد الطلاق البائن غير أحكام الرجعة بعد الطلاق الرجعي وجب أن يكون في هذا الجنس بابان الباب الأول في أحكام الرجعة في الطلاق الرجعي.
الباب الثاني في أحكام الارتجاع في الطلاق البائن.