كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)
في الثيب.
ويتخرج على رواية ابن القاسم عن مالك في الولاية قول رابع أن اشتراطها سنة لا فرض وذلك أنه روي عنه أنه كان يرى الميراث بين الزوجين بغير ولي وأنه يجوز الشريفة أن تستخلف رجلا من الناس على إنكاحها وكان يستحب أن تقدم الثيب وليها ليعقد عليها فكأنه عنده من شروط التمام لا من شروط الصحة بخلاف عبارة البغداديين من أصحاب مالك.
أعني أنهم يقولون إنها من شروط الصحة لا من شروط التمام.
وسبب اختلافهم:
أنه لم تأت آية ولا سنة هي ظاهرة في اشتراط الولاية في النكاح فضلا عن أن يكون في ذلك نص بل الآيات والسنن التي جرت العادة بالاحتجاج بها عند من يشترطها هي كلها محتملة.
وكذلك الآيات والسنن التي يحتج بها من يشترط إسقاطها هي أيضا محتملة في ذلك والأحاديث مع كونها محتملة في ألفاظها مختلف في صحتها إلا حديث ابن عباس وإن كان المسقط لها ليس عليه دليل لأن الأصل براءة الذمة.
ونحن نورد مشهور ما احتج به الفريقان ونبين وجه الاحتمال في ذلك.
فمن أظهر ما يحتج به من الكتاب من اشترط الولاية قوله تعالى: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} قالوا: وهذا خطاب للأولياء ولو لم يكن لهم في الولاية لما نهوا عن العضل.
وقوله تعالى: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} قالوا: وهذا خطاب للأولياء أيضا.
ومن أشهر ما احتج به هؤلاء من الأحاديث ما رواه الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ثلاث مرات وإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له". خرجه الترمذي وقال فيه: حديث حسن وأما ما احتج به من لم يشترط الولاية من الكتاب والسنة.
فقوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} قالوا: وهذا دليل على جواز تصرفها في العقد على نفسها.
قالوا: وقد أضاف إليهن ما آية من الكتاب الفعل فقال: {أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} وقال: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً
الصفحة 9
496