كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

وتحيض قبل ذلك وقول مالك مروي عن عمر بن الخطاب وابن عباس.
وقول الجمهور قول ابن مسعود وزيد.
وعمدة مالك عن طريق المعنى هو أن المقصود بالعدة إنما هو ما يقع به براءة الرحم ظنا غالبا بدليل أنه قد تحيض الحامل وإذا كان ذلك كذلك فعدة الحمل كافية في العلم ببراءة الرحم بل هي قاطعة على ذلك ثم تعتد بثلاثة أشهر عدة اليائسة.
فإن حاضت قبل تمام السنة حكم لها بحكم ذوات الحيض واحتسبت بذلك القرء ثم تنتظر القرء الثاني أو السنة إلى أن تمضي لها ثلاثة أقراء.
وأما الجمهور فصاروا إلى ظاهر قوله تعالى :{وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} والتي هي من أهل الحيض ليست بيائسة وهذا الرأي فيه عسر وحرج ولو قيل إنها تعتد بثلاثة أشهر لكان جيدا إذا فهم من اليائسة التي لا يقطع بانقطاع حيضتها.
وكان قوله إن ارتبتم راجعا إلى الحكم لا إلى الحيض على ما تأوله مالك عليه فكأن مالكا لم يطابق مذهبه تأويله الآية فإنه فهم من اليائسة هنا من تقطع على أنها ليست من أهل الحيض وهذا لا يكون إلا من قبل السن ولذلك جعل قوله إن ارتبتم راجعا إلى الحكم لا إلى الحيض أي إن شككتم في حكمهن ثم قال في التي تبقى تسعة أشهر لا تحيض وهي في سن من تحيض أنها تعتد بالأشهر.
وأما إسماعيل وابن بكير من أصحابه فذهبوا إلى أن الريبة ههنا في الحيض وأن اليائس في كلام العرب هو ما لم يحكم عليه بما يئس منه بالقطع فطابقوا تأويل الآية مذهبهم الذي هو مذهب مالك ونعم ما فعلوا لأنه إن فهم ههنا من اليائس القطع فقد يجب أن تنتظر الدم وتعتد به حتى تكون في هذا السن أعني سن اليائس وإن فهم من اليائس ما لا يقطع بذلك فقد يجب أن تعتد التي انقطع دمها عن العادة وهي في سن من تحيض بالأشهر وهو قياس قول أهل الظاهر لأن اليائسة في الطرفين ليس هي عندهم من أهل العدة لا بالأقراء ولا بالشهور.
أما الفرق في ذلك بين ما قبل التسعة وما بعدها فاستحسان.
وأما التي ارتفعت حيضتها لسبب معلوم مثل رضاع أو مرض فإن المشهورعند مالك أنها تنتظر الحيض قصر الزمان أم طال وقد قيل إن المريضة مثل التي ترتفع حيضتها لغير سبب وأما المستحاضة فعدتها عند مالك سنة إذا لم تميز بين الدمين فإن ميزت بين الدمين فعنه روايتان إحداهما

الصفحة 92