كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

أن عدتها السنة.والأخرى أنها تعمل على التمييز فتعتد بالأقراء وقال أبو حنيفة عدتها الأقراء إن تميزت لها وإن لم تتميز لها فثلاثة أشهر وقال الشافعي عدتها بالتمييز إذا انفصل عنها الدم فيكون الأحمر القاني من الحيضة ويكون الأصفر من أيام الطهر فإن طبق عليها الدم اعتدت بعدد أيام حيضتها في صحتها.
وإنما ذهب مالك إلى بقاء السنة لأنه جعلها مثل التي.لا تحيض وهي من أهل الحيض والشافعي إنما ذهب في العارفة أيامها أنها تعمل على معرفتها قياسا على الصلاة لقول صلى الله عليه وسلم للمستحاضة "اتركي الصلاة أيام أقرائك فإذا ذهب عنك قدرها فاغسلي الدم".
وإنما اعتبر التمييز من اعتبره لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت حبيش: "إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضيء وصلى فإنما هو عرق" خرجه أبو داود وإنما ذهب من ذهب إلى عدتها بالشهور إذا اختلط عليها الدم لأنه معلوم في الأغلب أنها في كل شهر تحيض وقد جعل الله العدة بالشهور عند ارتفاع الحيض وخفاؤه كارتفاعه.
وأما المسترابة أعني التي تجد حسا في بطنها تظن به أنه حمل فإنها تمكث أكثر مدة الحمل وقد اختلف فيه فقيل في المذهب أربع سنين وقيل خمس سنين وقال أهل الظاهر تسعة أشهر.
ولا خلاف أن انقضاء عدة الحوامل لوضع حملهن أعني المطلقات لقوله تعالى: { وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وأما الزوجات غير الحرائر فإنهن ينقسمن أيضا بتلك الأقسام بعينها أعني حيضا ويائسات ومستحاضات ومرتفعات الحيض من غير يائسات.
فأما الحيض اللاتي يأتيهن حيضهن فالجمهور على أن عدتهن حيضتان وذهب داود وأهل الظاهر إلى أن عدتهن ثلاث حيض كالحرة وبه قال ابن سيرين.
فأهل الظاهر اعتمدوا عموم قوله تعالى :{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} وهي ممن ينطلق عليها اسم المطلقة.
واعتمد الجمهور تخصيص هذا العموم بقياس الشبه وذلك أنهم شبهوا الحيض بالطلاق والحد أعني كونه متنصفا مع الرق.
وإنما جعلوها حيضتين لأن الحيضة الواحدة لا تتبعض.
وأما الأمة المطلقة اليائسة من المحيض أو الصغيرة فإن مالكا وأكثر أهل المدينة قالوا عدتها ثلاثة أشهر وقال

الصفحة 93