الشافعي وأبو حنيفة والثوري وأبو ثور وجماعة عدتها شهر ونصف شهر نصف عدة الحرة وهو القياس إذا قلنا بتخصيص العموم فكأن مالكا اضطرب قوله فمرة أخذ بالعموم وذلك في اليائسات ومرة أخذ بالقياس وذلك في ذوات الحيض والقياس في ذلك واحد.
وأما التي ترتفع حيضتها من غير سبب فالقول فيها هو القول في الحرة والخلاف في ذلك وكذلك المستحاضة واتفقوا على أن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها.
واختلفوا فيمن راجع امرأته في العدة من الطلاق الرجعي ثم فارقها قبل أن يمسها هل تستأنف عدة أم لا فقال جمهور فقهاء الأمصار تستأنف وقالت فرقة تبقى في عدتها من طلاقها الأول وهو أحد قولي الشافعي وقال داود ليس عليها أن تتم عدتها ولا عدة مستأنفة.
وبالجملة فعند مالك أن كل رجعة تهدم العدة وإن لم يكن مسيس ما خلا رجعة المولي.
وقال الشافعي إذا طلقها بعد الرجعة وقبل الوطء ثبتت على عدتها الأولى وقول الشافعي أظهر.
وكذلك عند مالك رجعة المعسر بالنفقة تقف صحتها عنده على الإنفاق فإن أنفق صحت.
الرجعة وهدمت العدة إن كان طلاقا وإن لم ينفق بقيت على عدتها الأولى وإذا تزوجت ثانيا في العدة فعن مالك في ذلك روايتان إحداهما تداخل العدتين والأخرى نفيه.
فوجه الأولى اعتبار براءة الرحم لأن ذلك حاصل مع التداخل.
ووجه الثانية كون العدة عبادة فوجب أن تتعدد بتعدد الوطء الذي له حرمة وإذا عتقت الأمة في عدة الطلاق مضت على عدة الأمة عند مالك ولم تنتقل إلى عدة الحرة وقال أبو حنيفة تنتقل في الطلاق الرجعي دون البائن وقال الشافعي تنتقل في الوجهين معا.
وسبب الخلاف:
هل العدة من أحكام الزوجية أم من أحكام انفصالها فمن قال من أحكام الزوجية قال لا تنتقل عدتها ومن قال من أحكام انفصال الزوجية قال تنتقل كما لو أعتقت وهي زوجة ثم طلقت وأما من فرق بين البائن والرجعي فبين وذلك أن الرجعي فيه شبه من أحكام العصمة ولذلك وقع فيه الميراث باتفاق إذا مات وهي في عدة من طلاق رجعي وأنها تنتقل إلى عدة الموت فهذا هو القسم الأول من قسمي النظر في العدة.