كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

(القسم الثاني) وأما النظر في أحكام العدد فإنهم اتفقوا على أن للمعتدة الرجعية النفقة والسكنى وكذلك الحامل لقوله تعالى:في الرجعيات {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} الآية ولقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}.
واختلفوا في سكنى المبتوتة ونفقتها إذا لم تكن حاملا على ثلاثة أقوال أحدها أن لها السكنى والنفقة وهو قول الكوفيين.
والقول الثاني أنه لا سكنى لها ولا نفقة وهو قول أحمد وداود وأبي ثور وإسحاق وجماعة.
الثالث أن لها السكنى ولا نفقة لها وهو قول مالك والشافعي وجماعة.
وسبب اختلافهم:
اختلاف الرواية في حديث فاطمة بنت قيس ومعارضة ظاهر الكتاب له فاستدل من لم يوجب لها نفقة ولا سكنى بما روي في حديث فاطمة بنت قيس أنها قالت طلقني زوجي ثلاثا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة خرجه مسلم وفي بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"إنما السكنى والنفقة لمن لزوجها عليها الرجعة" وهذا قول مروي عن علي وابن عباس وجابر بن عبد الله.
وأما الذين أوجبوا لها السكنى دون النفقة فإنهم احتجوا بما رواه مالك في موطئه من حديث فاطمة المذكورة وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ليس لك عليه نفقة" وأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم ولم يذكر فيها إسقاط السكنى فبقي على عمومه في قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} وعللوا أمره عليه الصلاة والسلام بأن تعتد في بيت ابن أم مكتوم بأنه كان في لسانها بذاء.
وأما الذين أوجبوا لها السكنى والنفقة فصاروا إلى وجوب السكنى لها بعموم قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} وصاروا إلى وجوب النفقة لها لكون النفقة تابعة لوجوب الإسكان في الرجعية وفي الحامل وفي نفس الزوجية.
وبالجملة فحيثما وجبت السكنى في الشرع وجبت النفقة وروي عن عمر أنه قال في حديث فاطمة هذا لا ندع كتاب نبينا وسنته لقول امرأة يريد قوله تعالى: { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ } الآية.ولأن المعروف من سنته عليه الصلاة والسلام أنه أوجب

الصفحة 95