كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

بقوله تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} فاشترط المتعة مع عدم المسيس وقال تعالى :{ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فعلم أنه لا متعة لها مع التسمية والطلاق قبل المسيس لأنه إذا لم يجب لها الصداق فأحرى أن لا تجب لها المتعة وهذا لعمري مخيل لأنه حيث لم يجب لها صداق أقيمت المتعة مقامه وحيث ردت من يدها نصف الصداق لم يجب لها شيء.
وأما الشافعي فيحمل الأوامر الواردة بالمتعة في قوله تعالى :{وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} على العموم في كل مطلقة إلا التي سمي لها وطلقت قبل الدخول وأما أهل الظاهر فحملوا الأمر على العموم والجمهور على أن المختلعة لا متعة لها.
لكونها مغطية من يدها كالحال في التي طلقت قبل الدخول وبعد فرض الصداق وأهل الظاهر يقولون هو شرع فتأخذ وتعطي.
وأما مالك فإنه حمل الأمر بالمتعة على الندب لقوله تعالى:في آخر الآية {حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ} أي على المتفضلين المتجملين وما كان من باب الإجمال والإحسان فليس بواجب.
واختلفوا في المطلقة المعتدة هل عليها إحداد فقال مالك ليس عليها إحداد.
باب في بعث الحكمين
اتفق العلماء على جواز بعث الحكمين إذا وقع التشاجر بين الزوجين وجهلت أحوالهما في التشاجر أعني المحق من المبطل لقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا} الآية وأجمعوا على أن الحكمين لا يكونان إلا من أهل الزوجين أحدهما من قبل الزوج والآخر من قبل المرأة إلا أن لا يوجد في أهلهما من يصلح لذلك فيرسل من غيرهما وأجمعوا على أن الحكمين إذا اختلفا لم ينفذ قولهما وأجمعوا على أن

الصفحة 98