كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 2)

[حسنة] حيث قال: ناوِين مَعْنَى كَذَا، يعني أنهم إنما أخبروا بالظرف أو بحرف الجرّ حالة كونهم مُقَدِّرين معنى الاكون والاستقرار [و] حيث [يكون] الظرفُ وحرف الجر ليعطيانه، وذلك إنما يصدُق على الظّرف التام وحرف الجرّ التام. فإذا قلت: زيدٌ في الدار، أو زيد عندك، فالمفهوم المعتاد في هذا معنى الاستقرار، فمثلُ هذا يقع خبرا. وإذا قلت: زيدٌ بك، أو عمرو إليك، فليس المفهوم هنا معنى الاستقرار. فخرج عن كونهم أخبروا به، وإن فُرِض أن المحذوف مفهوم بقرينةٍ، كما تقول: زيدٌ على أهل البصرة، أي: أمير، فهذا أيضًا من قبيل ما لا يكون حرف الجرِّ خبرا؛ إذ لا يفهم مِنْه مطلقُ الكون والاستقرار، ولذلك لما قاله سيبويه: «وتقول: عليك أميرًا زيدٌ، لأنه لو قال: عليك زيدٌ، وهو يريد الإمرة، كان حسنا». ردّ عليه ابن الطراوة وقال: وهذا وهم، لأنك وإن حذفت الأمير فأنت تريده لا مستقرًا، قال: فإظهاره وإضماره سواءُ، يعني أنه لا يجوز في الأمير إلا الرفع، لأنه هو الخبر، أظهرته أو أضمرته.
قال ابن عصفورٍ: وهذا الذي قاله حق، إلا أنّه لا يمتنع أن يكون هذا الأمير الظاهر غيرَ الخبر، ويكو حالًا مؤكدةً. قال: وعلى هذا أجاز سيبويه هذا. وعلى هذا يكون قولهم: أنا بالله ثم بك، والأمر إليك، وما أشبهه مما هو محذوف الخبر لدلالة الكلام على المحذوف، لا مما أخبر فيه بحرف الجرّ، إذ

الصفحة 16