كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 2)

لم يفعل، فكائن معترضًا عليه. ووجهُ كونِهِ غير تام ظاهر، لكونه قد حُذِف منه ما به تمام معناه، وهو المضاف إليه، وإن كان مرادًا في التقدير.
/ وقال السيرافي في تعليل منع وقع قبلُ وبعدُ خبرين: إنهما إذا أخبر بهما قد حُذِفَ معهما ما يعملُ فيهما، فكا حذفُ المضافِ إليه مع ذلك إجْحافًا فتجنبوه، ولابن الضائع هنا تعليلٌ هو روحُ كلام سيبويه، فتأمّله.
واعلم أن الناظم من عادته التنبيهُ على مسائل الخلاف، وعلى ارتضاء ما يرتضيه من الأقاويل. ولا شكّ أنّ مسائلَ الخلافِ على قسمين: قسم ينبني على الخلاف فيه حكم من الأحكام الكلاميّة. وقسم لا يَنبني عليه إلا أمر اصطلاحي وتحقيق صناعي لا غير، فأما الأول فالنظر في ترجيح ما رجّحه الناظم، وجَلَب الحُجَج عليه مما تَعْني الناظرَ في هذه الصناعة عموما، والشارحَ بحسب ما يتعلق بشرح النظم خصوصًا. وأما الثاني فالكلام فيه حسب ترجيح ما رجح الناظم وَجلبِ الأدلّة عليه إنّما هو من جهة ما يلزم الشارحَ من بيان مقاصد الكلام المشروح، والنزول إلى مقام صاحبه، لبيان ارتضاء ما ارتضاه، وتزييف ما زيفَه، لا من جهة أن تنبني عليه فائدةٌ؛ إذ هو خالٍ منها كمسألتنا، لأنّ كون الظرف أو حرف الجرّ يُقدر معه كائنٌ أو استقر، أو لا يقدّر معه ذلك لأنّه يودّي معناه - سواءٌ في الحكم.

الصفحة 20