كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 2)

أن يقاس عليه، ونمنع القياس حيث لم يبلغ السماعُ أن يقاس عليه. وبعد ذلك إن وجدنا علّةً لشذوذ الشائع فسّرناها بناءً على قول سيبويه: «قِفْ حيث وَقَفُوا ثم فَسِّرْ». وهى قاعدة مسلمة عند الجميع.
وأما ثانيا فإنّ بابى الإعمال والبدل جاءا على خلاف الأصول؛ إذ الأصل والأكثر الشائع تقدُّم مُفَسّر ضمير الغائب، بإقراء ابن مالك وغيره، فمتى جَاءَ ما يخالفه فلا ينبغي فلا يُعَوّلَ عليه في قياس ما ليس من بابه عليه، بل ينظر إليه في نفسه، فإن كثر تبلغ القياسَ قيس عليه في بابه خاصّةً، كما فعلُوا في باب الإعمال، وباب نعم وبئس، وباب ضَمير الشأن، وباب البدل، وباب رُبَّ. ولم يُتَعرّض لإبطالِ الأصل به؛ إذْ لو كان كذلك لم يَصحَّ أَنْ يكون الأصلُ تقديمَ مفسّر ضمير الغائب، ولكان التقديم والتأخير في المفسّر جائزًا بإطلاقٍ قياسًا على ما قال، لكن هذا باطل باتفاق، فيطل ما أدّى إليه. وإنَّما نظيرُ بابِ الإعمال وما أشبه في كونها مستثنًى من القاعدة بيعُ العرايا بِخَرْصِها تمرًا إلى الجَدَادِ، وضربُ الدية على العاقلة وما أشبهها مما هو خارج عن القواعد ... ولا يخرج عن بابه لأنه خرمٌ للقاعدة الثابتة. فما قاله المؤلف رحمه الله لا ينهض دليلًا على القياس، فالصحيح ما ذهب إليه هنا من الوقوف مع الأصلِ ومنع

الصفحة 614