كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 2)

والثالث: ما لم يثبت فيه شئ من ذلك، ولا ظهر من كلامهم ما يدلّ على الرجوع إلى أحد القسمين، كلزوم تقديم الفاعل على المفعول، أو المبتدأ على الخبر، ولزوم إقامة الأول من مَفْعُولَىْ ظن مقام الفاعل خوف اللبس، وما أشبه ذلك -فاختلف النحويون في هذا القسم بماذا يُلْحَقُ؟ فجمهور المتأخرين، وابن السراج من المتقدِّمين، والسيرافي في بعض المسائل يلحقونه بالأصل الأول، وبالقسم الثاني من هذه الأقسام، فراعوا اللبس، والتزموا من الأحكام ما يرتفع بسببها ومنهم الناظم، حسبما ظهر منه هنا، وفي باب ما لم يُسمَّ فاعله، وفي باب تعدّى الفعل ولزومه، وغير ذلك.
والظاهر من المتقدمين عدمُ مراعاته وإلحاقُه بالأول من هذه الأقسام، مثل سيبويه، فإنه لا يكاد يُوجَد في كتابه تعليلُ به لمثلِ هذه الأشياءِ ولا بناءٌ عليه ولما تكلَّم في أبواب التصريف على «فُوعِلَ» ونحوه من القول أو من البيع، وأنّك تَقُول: قُووِل وبُويع علل ترك الإدْغام بعروض الواو، ولم يتعرص للبس بِفُعَّل لو قيل: قُوِّل وبُيِّعَ. ولم يتعرض أيضا لالتزام رتبة الفاعل والمبتدأ وما أشبه ذلك، بل الأظهر عدم اعتباره بذلك، كما تَقدّم ذكره. وقد تَقَدَّمَ أيضا عن الزجاج ما يشير بعدم اعتباره اللبس عند النحويين في مثل هذا القسم، وأنهم متفقون على ذلك. وكأنهم لم يبالوا بهذا الضرب من الالتباس كما لم يبالوا به في التصغير والنسب في الأسماء الأعلام دون غيرها.
وللناظم أن يُرَجِّح مذهبه بوجهين:
أحدهما: الوقوفُ مع الأصل الأول من قصد الإفهام الذي وُضِع له الكلام، فإليه ينبغي أن يرجع بالمحتملات، فإنه إذا دار الموضعُ بين أَنْ

الصفحة 67