كتاب سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر (اسم الجزء: 2)

أبدا لذاتك دائماً أتشوق ... فعلام برق لقاك لا يتألق
وإلى م لا تدني بعيداً ماله ... بسوى حبال الود منك تعلق
علقت بحبك منه روح قبل أن ... يبدو لها في ذا الوجود تخلق
وصبت لمعناك البديع فلم تزل ... بجميل ذكرك في العوالم تنطق
عجباً لها والطرف منها معرف ... عن حسنها وإلى جمالك ترمق
هل أفهمت سر المحبة أم لها ... علم بأن سواك من لا يعشق
أو أودعت معنى تمكن في الحشا ... فلها به بعد الخفاء تحقق
إذ ذاك تطرب إن شدت ورق الربا ... شوقاً لما تبدى جوى وتصفق
أم لاشتياق موهم منك اللقا ... أذلات حين الوعد منك يصدق
يا أيها الفتان لا ذقت الهوى ... ثوب افتتاني فيك لا يتمزق
أترع كؤوس الهجر صرفاً واسقني ... كأساً فكأساً انني لا أفرق
حمل فؤادي من متاعبك التي ... ما لا تطيق لحملهن الأينق
وأفتك بلحظك في جوانحي التي ... بسوى التهتك فيه لا تنخلق
واطعن بلدن قوامك الرطب الذي ... بسوى اجتناء دم الورى لا يورق
ما شئت ممن ليس يعرف ما الهوى ... الا بحبك لا كمن يتعشق
اني الصبور على مكايدة الهوى ... وعزيز دمعي فيه لا يترقرق
اني امرؤ ممن يقال بشأنه ... بين الوصال وصده لا يفرق
هذي وحقك حالتي إن شئت جد ... أولا فواصل انني بك موثق
مثل اعتمادي في معادي بالذي ... بولائه دون الورى أنا موثق
الكامل الحبر الالهي الذي ... بسواه نهج الحق لا يتحقق
صور الكمال به غدت مجلوة ... وعليه إن حققتها تتعبق
المستضئ بنوره في طمسه ... من لم يظن الفرق فيه يخلق
تجري جداول فيضه في طرسه ... إن راح للمعنى البديع ينمق
أورام أن يبدي الكمال بصورة ... الامكان يبدو الابتداع المطلق
لا يستحيل عليه شيء منحة ... فالأمر فيه ظاهر ومحقق
وإليه يرجع كل معنى إن بدا ... بتخالف في المشربين يوفق
سعياً عفاة الهدى نوراً قبل أن ... بكؤوس أفراح الندامة تشرقوا
واستقبسوا من نور حضرة قدسه ... قلباً به دين الجهالة يحرق
واستنطقوا من رمز عقد كلامه ... سراً لولا من قبل أن لا تنطقوا

الصفحة 320