كتاب تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (اسم الجزء: 2)

أهوى عروة بيده الى لحية النبىّ صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنصل السيف ويقول اكفف يدك عن لحية رسول الله فرفع عروة رأسه فقال من هذا قالوا المغيرة بن شعبة فقال أى غدر ألست أسعى فى غدرتك* وفى رواية لما أكثر المغيرة ضرب يد عروة بنصل السيف غضب عروة وقال يا محمد من هذا الذى يؤذينى من بين أصحابك والله ما أظنّ فيكم ألأم منه ولا أسوأ منه فتبسم النبىّ صلى الله عليه وسلم وقال يا عروة هذا ابن أخيك المغيرة ابن شعبة فأقبل عروة على المغيرة وقال أى غدر ألست أسعى فى غدرتك وكان المغيرة صحب فى الجاهلية ثلاثة عشر رجلا من بنى مالك من قبيلة ثقيف وكانوا خرجوا الى مصر وقصدوا المقوقس ولما بلغوا الى مصر ولا قوة أمر لكل واحد منهم بالجائزة ولم يعط المغيرة شيئا فحسد عليهم وبعد ما رجعوا من مصر نزلوا منزلا وشربوا خمرا فلما سكروا وناموا وثب عليهم المغيرة وقتل هؤلاء الثلاثة عشر كلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم أمّا الاسلام فأقبل وأمّا المال فلست منه فى شئ فلما أخبر بنو مالك اختصموا مع رهط المغيرة وشرعوا فى محاربتهم فسعى عروة بن مسعود الثقفى فى اطفاء نائرة الحرب وقبل لبنى مالك ثلاث عشرة دية فصالحوا على ذلك* فقول عروة للمغيرة أى غدر ألست أسعى فى غدرتك كان اشارة الى تلك القصة ثم انّ عروة جعل يرمق أصحاب النبىّ صلى الله عليه وسلم بعينيه فلما رجع الى قريش قال أى قوم لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشى والله ان رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه مثلما يعظم أصحاب محمد محمدا والله أعلم ما تنخم نخامة الا وقعت فى كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده اذا أمر ابتدروا أمره واذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه واذا تكلم أو تكلموا خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون اليه النظر تعظيما له* وفى رواية واذا سقطت شعرة من رأسه أو لحيته أخذوها تبركا وحفظوها احتراما وانه قد عرض عليكم حطة رشد فاقبلوها فقال رجل من بنى كنانة دعونى آته فقالوا ائته فلما أشرف على النبىّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له فبعث له واستقبله الناس يلبون فلما رأى ذلك قال سبحان الله ما ينبغى لهؤلاء أن يصدّوا عن البيت ثم بعثوا اليه الحليس* وفى رواية رقت وفاضت عيناه وقال هلكت قريش ورب الكعبة ما جاء هؤلاء الا للعمرة فلما رجع الى أصحابه قال رأيت بدنا قد قلدت وأشعرت فما أرى أن يصدّوا عن البيت ثم بعثوا اليه الحليس بن علقمة كذا فى معالم التنزيل* وفى روضة الاحباب قعد الرجل الكنانى والحليس واحدا فقال رجل من بنى كنانة يقال له الجليس* وفى رواية العلقمة الى آخره وكان الحليس يومئذ سيد الاحابيش فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان هذا من قوم يتألهون فابعثوا بالهدى فى وجهه حتى يراه فلما رأى الهدى يسيل عليه من عرض الوادى فى قلائد قد أكل أوباره من طول الحبس رجع الى قريش ولم يصل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اعظاما لما رأى فقال يا معشر قريش انى رأيت مالا يحل صدّه الهدى فى قلائد قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله فقالوا له اجلس فانما أنت رجل أعرابى لا علم لك فغضب الحليس عند ذلك وقال يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم ولا على هذا عاقدناكم أن تصدّوا عن البيت الحرام من جاءه معظما له والذى نفس الحليس بيده لتخلنّ بين محمد وبين ما جاء له أو لا نفرنّ بالاحابيش نفرة رجل واحد فقالوا له مه كف عنايا حليس حتى نأخذ لا نفسنا ما نرضى به* وفى الاكتفاء دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم جواس ابن أمية الخزاعى فحمله على بعير له وبعثه الى قريش ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له فعقروا الجمل وأرادوا قتله فنعته الاحابيش فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثت قريش أربعين رجلا أو خمسين وأمروهم أن يطوفوا بعسكر

الصفحة 19