كتاب تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (اسم الجزء: 2)

الامراء ومنكم الوزراء واحتج عليهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الأئمة من قريش فاستقرّ رأى الصحابة بعد المشاورة والمراجعة على خلافة أبى بكر وأجمعوا على ذلك وبايعه على ذلك علىّ ولقبه بخليفة رسول الله بعد توقف منه فصارت امامته مجمعا عليها غير مدافع* وفى مورد اللطافة قيل انّ الذين أطلق عليهم اسم الخليفة ثلاثة آدم وداود عليهما السلام بلفظ القرآن وأبو بكر باجماع المسلمين ولم ينص رسول الله صلى الله عليه وسلم على امامة أحد وفوّض أمرها الى الأمّة وقوله عليه السلام اقتدوا بالذين من بعدى أبى بكر وعمر ليس نصا عليهما وقوله عليه السلام لعلىّ أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبىّ بعدى لا يدل على كونه خليفة له بعد وفاته بل المراد به أنه خليفة له حين غيبته فى غزوة تبوك كما كان هارون خليفة لموسى حين غيبته عن قومه* وفى الصفوة والرياض النضرة ذكر الواقدى عن أشياخه أنّ أبا بكر بويع يوم قبض رسول الله يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع الاوّل سنة احدى عشرة من مهاجره عليه السلام* وفى التذنيب للرّافعى تولى الخلافة اليوم الثانى من وفاة النبىّ صلى الله عليه وسلم لاثنتى عشرة ليلة خلت من أوّل سنة احدى عشرة من الهجرة* وفى الرياض النضرة قال ابن قتيبة بويع أبو بكر بالخلافة يوم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سقيفة بنى ساعدة وبويع بيعة العامّة على المنبر يوم الثلاثاء من غد ذلك اليوم* وفى شرح العقائد العضدية للشيخ جلال الدين الدوانى مدّة خلافته سنتان وأربعة أشهر وقيل سنتان وثلاثة أشهر وسبعة أو ستة أيام وقيل عشرة أيام* وفى سيرة مغلطاى ولى الخلافة سنتين ونصفا وقيل أربعة أشهر الا عشرة أيام وقيل الا أربعة أيام وقيل غير ذلك وبعث عمر بالحج فحج بالناس سنة احدى عشرة وحج بالناس أبو بكر سنة ثنتى عشرة كذا فى الرياض النضرة* وفى البحر العميق عن الواقدى عن أشياخه أنّ أبا بكر استعمل عمر على الحج سنة احدى عشرة فحج بالناس ثم اعتمر أبو بكر فى رجب سنة ثنتى عشرة ثم حج فيها بالناس واستخلف على المدينة عثمان* وفى الرياض النضرة ذكر صاحب الصفوة أنه اعتمر فى رجب سنة ثنتى عشرة فدخل مكة ضحوة وأتى منزله وأبو قحافة جالس على باب داره ومعه فتيان يحدّثهم فقيل له هذا ابنك فنهض قائما وعجل أبو بكر أن ينيخ راحلته فنزل عنها فجعل يقول يا أبت لا تقم ثم التزمه وقبل بين عينى أبى قحافة وجعل أبو قحافة يبكى فرحا بقدومه وجاء أهل مكة عتاب ابن أسيد وسهيل بن عمرو وعقبة وعكرمة بن أبى جهل والحارث بن هشام فسلموا عليه سلام عليك يا خليفة رسول الله وصافحوه جميعا فجعل أبو بكر يبكى حين يذكرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سلموا على أبى قحافة فقال أبو قحافة يا عتيق هؤلاء الملأ فأحسن صحبتهم* الملأ الجماعة ويطلق على أشراف القوم لانهم يملأون القلب والعين فقال أبو بكر يا أبت لا حول ولا قوّة الا بالله طوّقت عظيما من الامر لا قوّة لى به ولا يدان الا بالله وقال هل أحد يشتكى ظلامته فما أتاه أحد وأثنى الناس على واليهم وكان حاجبه سديدا مولاه وكاتبه عثمان بن عفان وعبد الله بن الارقم قاله ابن عباس* وفى رواية وكان قاضيه عمر بن الخطاب وكاتبه عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وحاجبه سديدا مولاه وصاحب شرطته أبا عبيدة ابن الجرّاح وهو أوّل من اتخذ الحاجب وصاحب الشرطة فى الاسلام وكان فى يده خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورق نقشه محمد رسول الله وكان بعد فى يد عمر ثم كان فى يد عثمان حتى وقع من معيقيب فى بئر أريس وفى مدّة خلافته اليسيرة فتح فتوحات كثيرة فأوّل ما بدأ به بعد خلافته أنه نفذ جيش أسامة وأمره بالانتهاء الى ما أمر به رسول الله وشيعه ماشيا وأسامة راكب لانه أقسم عليه أن لا ينزل وسأله أن يأذن لعمر فى الرجوع معه فأذن له فى ذلك ومضى أسامة وبث الخيل فى قبائل قضاعة وعاد سالما
وكان فراغه فى أربعين يوما وفتح أبو بكر اليمامة وقتل مسيلمة الكذاب وقاتل جموع أهل الردّة الى أن رجعوا الى دين الله وفتح أطراف العراق وبعض الشام

الصفحة 200