كتاب تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (اسم الجزء: 2)

أبى بكر خليفة رسول الله من خالد بن الوليد سيف الله المصبوب على المشركين سلام عليك فانى أخبرك أيها الصديق انا التقينا نحن والمشركون وقد جمعوا لنا جموعا جمة بأجنادين وقد رفعوا صليبهم ونشروا كتبهم وتقاسموا بالله لا يفرّون حتى يفنونا أو يخرجونا من بلادهم فخرجنا واثقين بالله متوكلين على الله فطاعناهم بالرماح شيئا ثم صرنا الى السيوف فقا رعناهم بها مقدار نحر جزور ثم انّ الله أنزل نصره وأنجز وعده وهزم الكافرين فقتلناهم فى كل فج وشعب وغائط فالحمد لله على اعزاز دينه واذلال عدوّه وحسن الصنيع لاوليائه والسلام عليك ورحمة الله وبركاته* وبعث خالد بكتابه هذا مع عبد الرحمن ابن حنبل الجمحى فلما قرئ على أبى بكر وهو مريض مرضه الذى توفاه الله فيه أعجبه ذلك وقال الحمد لله الذى نصر المسلمين وأقرّ عينى بذلك* قال سهل بن سعد وكانت وقعة أجنادين هذه أوّل وقعة عظيمة كانت بالشأم وكانت سنة ثلاث عشرة فى جمادى الاولى لليلتين بقيتا منه يوم السبت نصف النهار قبل وفاة أبى بكر رضى الله عنه بأربع وعشرين ليلة* وذكر الطبرى عن ابن اسحاق انّ الذى كان على الروم تدارق أخو هرقل لابيه وأمه ثم ذكر عنه عن عروة بن الزبير قال كان على الروم رجل منهم يقال له القلقنار وكان استخلفه على امراء الشأم حين سار الى القسطنطينية واليه انصرف تدارق ومن معه من الروم* قال ابن اسحاق فأما علماء الشأم فيزعمون انه كان على الروم تدارق والله أعلم وعنه لما ترا آى العسكران بعث القلنقار رجلا عربيا فقال له ادخل فى هؤلاء القوم فأقم فيهم يوما وليلة ثم ائتنى بخبرهم فدخل فى الناس رجل عربى لا ينكر عليه فأقام فيهم يوما وليلة ثم أتاه فقال له ما وراءك فقال له بالليل رهبان وبالنهار فرسان ولو سرق ابن ملكهم لقطعوا يده ولوزنى لرجم لاقامة الحق فيهم فقال له القلنقار لئن كنت صدقتنى لبطن الارض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها ولوددت أن الله يخلى بينى وبينهم فلا ينصرنى عليهم ولا ينصرهم علىّ ثم تزاحف الناس فاقتتلوا فلما رأى القلنقار ما رأى من قتالهم للروم قال للروم لفوا رأسى بثوب قالوا له لم قال هذا يوم بئيس ما أحب ان أراه ما رأيت لى من الدنيا يوما أشدّ من هذا قال فاحتز المسلمون رأسه وانه للملفف* وعن غير ابن اسحاق قال ثم ان خالد بن الوليد أمر الناس أن يسيروا الى دمشق وأقبل بهم حتى نزلها وقصد الى ديره الذى كان ينزل به وهو من دمشق على ميل مما يلى الباب الشرقى وبخالد يعرف ذلك الدير الى اليوم وجاء أبو عبيدة حتى نزل على باب الجابية ونزل يزيد بن أبى سفيان على باب آخر من دمشق فأحاطوا بها فكثروا حولها وحاصروا أهلها حصارا شديدا وقدم عبد الرحمن بن حنبل من عند أبى بكر بكتابه الى خالد والى يزيد قال فخرج خالد بالمسلمين ذات يوم فأحاطوا بمدينة دمشق ودنوا من أبوابها فرماهم أهلها بالحجارة ورشقوهم من فوق السور بالنشاب* قال ابن حنبل
فبلغ أبا سفيان عنا بأننا ... على خير حال كان جيش يكونها
فانا على بابى دمشق نرتمى ... وقدحان من بابى دمشق حينها
*

(وقعة مرج الصفر)
* سنة أربع عشرة قال فان المسلمين لكذلك يقاتلونهم ويرجون فتح مدينتهم أتاهم آت فأخبر انّ هذا جبش قد أتاكم من قبل الروم فنهض خالد بالناس على تعبيته وهينته فقدّم الاثقال والنساء وخرج معهن يزيد بن أبى سفيان ووقف خالد وأبو عبيدة من وراء الناس ثم أقبلوا نحو ذلك الجيش فاذا هو درنجان بعثه ملك الروم فى خمسة آلاف رجل من أهل القوّة والشدّة ليغيث أهل دمشق فصمد المسلمون صمدهم وخرج اليهم أهل القوّة من أهل دمشق وناس كثير من أهل حمص فالقوم نحو من خمسة عشر ألفا فلما نظر اليهم خالد عبىّ لهم أصحابه كتعبيته يوم أجنادين فجعل على ميمنته معاذ بن جبل وعلى ميسرته هاشم بن عتبة وعلى الخيل سعيد بن زيد وأبا عبيدة على الرجال وذهب خالد فوقف فى أوّل

الصفحة 235