كتاب تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (اسم الجزء: 2)

الظاهر خشقدم ثم انتقل الى الاشرف قايتباى مولده كان فى حدود الخمسين وثمانمائة تقريبا عما أخبر ولما كان يوم الاثنين مستهل شوّال سنة ست وتسعمائة من الهجرة النبوية حضر قلعة الجبل أمير المؤمنين المستمسك بالله والقضاة الاربعة والامراء وأصحاب الحل والعقد وأجمع رأيهم على سلطنة الدوادار الكبير الامير قانصوه الغورى فبويع بالسلطنة وألبس شعار الملك وجلس على التخت فى اليوم المذكور وهو نهار عيد الفطر ثم بنى فى سلطنته سور جدّة ودائرة الحجر الشريف وبعض أروقة المسجد الحرام وباب ابراهيم وجعل علوه قصرا شاهقا وتحته ميضأة وبنى بركة وادى بدر وعدّة خانات وآبار فى طريق الحاج المصرى منها خان فى عقبة أيلة والازلم ومدرسة أنشأها علوسوق الجملون بالقاهرة والتربة المقابلة لها من جهة القبلة مع أوقافها وأنشأ مجرى الماء من مصر العتيقة الى قلعة الجبل وعمر بعض أبراج الاسكندرية* وفى سنة سبع عشرة وتسعمائة توفى السلطان بايزيد صاحب الروم وتسلطن ابنه السلطان سليم فى الروم* وفى سنة عشرين وتسعمائة عزم السلطان سليم على قتال شاه اسمعيل المعروف بالصوفى ولاقاه صبح يوم الاربعاء ثانى شهر رجب بموضع يقال له چالدران من توابع تبريز وهزمه ثم سار بالعساكر المنصورة حتى نزل تبريز وصلى فيها الجمعة وخطب فيها باسم السلطان سليم ثم رجع الى بلاد الروم* وفى سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة انتقل ملك مصر الى ملوك بنى عثمان فأوّل من ملكها منهم وهو عاشرهم السلطان سليم ابن السلطان بايزيد بن السلطان محمد وذلك أنه وقعت فتنة بينه وبين صاحب مصر قانصوه الغورى فقصد كل منهم الاخر فى عسكرين عظيمين فالتقيا بموضع يقال له مرج دابق من نواحى حلب شماليها مسافته منها نحو مرحلة وكان المصاف والوقعة يوم الاحد الخامس والعشرين من رجب سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة وقيل هذه وقعة ثانية فى الريدانية بمصر بمرج دابق وقيل بل صبح يوم الاثنين تسع وعشرين من ذى الحجة من السنة المذكورة ودام الحرب وصبر الفريقان من أوّل النهار الى ما بين صلاتى الظهر والعصر ثم نزل نصر العثمانية وانهزم الجراكسة وقتل سلطانهم قانصوه الغورى وفتحت البلاد الشامية ثم المصرية وكانت مدّة ولاية الغورى خمس عشرة سنة وتسعة أشهر وخمسا وعشرين يوما وبعد الوقعة مكث السلطان سليم فى بلاد الشام أشهرا وفى مدة مكثه تسلطن بمصر الملك الصالح طومان باى الجركسى الاشرفى القايتبايى وهو ابن أخى قانصوه الغورى ولقب بالاشرف كعمه وهو السادس والاربعون من ملوك الترك والعشرون من ملوك الجراكسة* ومدّة ولايته ثلاثة أشهر ونصف وبه انقرضت دولة الاتراك والجراكسة فلدولة الاتراك مائتان وسبعون سنة ان كان أوّلهم المعز ايبك التركمانى وأوّل ولايته بمصر فى سنة ثلاث وأربعين وستمائة ولدولة الجراكسة مائتان وأربع عشرة سنة ان كان أوّلهم السلطان بيبرس الجاشنكير وكانت ولايته فى شوّال سنة ثمان وسبعمائة وان كان أوّلهم السلطان سيف الدين برقوق فتكون مدّتهم مائة وثمانيا وثلاثين سنة وولايته فى رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة* وكان ابتداء سلطنة السلطان سليم فى الديار الشامية والمصرية ثانى يوم حرب قانصوه الغورى مستهل المحرم سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة ثم عين الامير مصلح الدين أمير اللحاج فسار بحرا ورفقته كسوة الكعبة المعظمة ثم عاد الحاج برّا وتأخر الامير مصلح الدين لعمارة قبة عالية على مقام الحنفية بالمسجد الحرام وأمر السلطان سليم أيضا بعمارة فى صالحية دمشق على قبر شيخ الصوفية محيى الدين بن العربى نفعنا الله ببركاته ثم توفى السلطان سليم فى الليلة السادسة من شوّال ليلة الجمعة سنة ست وعشرين وتسعمائة وكانت ولادته تقريبا فى سنة خمس وسبعين وثمانمائة* وكانت مدّة ملكه بعد أبيه تسع سنين وتسعة أشهر وسبعة أيام وقيل ثمان سنين وثمانية أشهر وتسعة أيام وملكه

الصفحة 390