كتاب تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (اسم الجزء: 2)

راية النبىّ صلى الله عليه وسلم سوداء من برد لعائشة* وفى رواية عقد النبىّ صلى الله عليه وسلم رايتين احداهما سوداء من ستر باب عائشة وتسمى العقاب والآخرى بيضاء وكانت الوية غيرهما وكان شعار المسلمين يا منصور أمت أمت* روى ان خباب بن المنذر أتى النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزل أنزلكه الله أم هو الرأى فى الحرب قال بل هو الرأى فقال يا رسول الله ان هذا المنزل قريب جدّا من حصن نطاه وجميع مقاتل خيبر فيها وهم يدرون أحوالنا ونحن لا ندرى أحوالهم وسهامهم تصل الينا وسهامنا لا تصل اليهم ولا نأمن بياتهم وأيضا هذا منزل بين النخلات ومكان غائر وأرض وخيمة لو أمرت بمكان خال عن هذه المفاسد يتخذ معسكرا قال صلى الله عليه وسلم الراى ما أشرت اليه وقد مرّ مثل هذا فى غزوة بدر فدعا محمد بن مسلمة فأمره أن يرتاد منزلا يصلح لأن يتخذ معسكرا كما قاله خباب فذهب محمد بن مسلمة يلتمس ويدور حتى انتهى الى موضع يقال له الرجيع فرأى ذلك الموضع صالحا للمعسكر فرجع الى النبىّ صلى الله عليه وسلم وأخبره به فنهضوا اليه بالليل فيومئذ فى ذلك الموضع شرعوا فى حرب حصن نطاة وكانت اليهود ترمى بالسهام الى عسكر الاسلام ويلتقطها المسلمون ويرمونها فى وجوههم الى الحصن ثم انهم قطعوا من نخيل نطاة أربعمائة نخلة وما قطع فى خيبر غير نخيلها* وفى تلخيص المغازى وبعض كتب السير أوّل ما فتح من حصون خيبر نطاة ثم الشق وقال ابن اسحاق كان أوّل حصن افتتحه رسول الله صلى الله عليه وسلم حصن ناعم وعنده قتل محمود بن مسلمة وكان قد حارب حتى أعياه الحرب وثقل السلاح وكان الحرّ يومئذ شديدا فانحاز محمود بن مسلمة الى ظل حصن ناعم يظنّ ان ليس فيه أحد وكان مرحب اليهودى أو كنانة بن أبى الحقيق يراه فأتى بحجر الرحا وألقاه على رأسه فهشمت البيضة على رأسه ونزل جلد جبهته على وجهه فأدركه المسلمون فارتثوه الى النبىّ صلى الله عليه وسلم فسوّى جلده بيده الى مكانه وعصبه بخرقة فمات من هذه الجراحة ثم افتتح صلى الله عليه وسلم القموص حصن بنى أبى الحقيق فأصاب صلى الله عليه وسلم سبايا منهم صفية ابنة حيى بن أخطب وكانت زوجة كنانة بن الربيع ابن أبى الحقيق وبنتاعم لها فاصطفى صفية لنفسه بعد أن سأله اياها دحية بن خليفة الكلبى فلما اصطفاها لنفسه أعطاه ابنتى عمها وكان بلال هو الذى جاء بصفية وبأخرى معها فمرّ بهما على قتلى يهود فلما رأتهم التى مع صفية صاحت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اعزبوا عنى هذه الشيطانه فذكر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال حين رأى بتلك اليهودية ما رأى أنزعت منك الرحمة يا بلال حتى تمر بامرأتين على قتلى رجالهما ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حصن القموص وأتى اليه بكنانة بن الربيع وهو من رؤساء يهود خيبر وكان عنده كنز بنى النضير وأبى الحقيق وكان ملأ مسك جمل بالجيم وقيل حمار ذهبا وعقودا من الدر والجوهر واذا كان لاعيان أهل مكة ورؤسائهم وليمة أو عرس يبعثون اليه بالرهن ويستعيرون منه فيعطيهم من ذلك الحلى والجواهر ما أرادوه وكان الكنز فى الاوائل ملأ مسلك حمل بالحاء المهملة ولما ازدادت ثروة أبى الحقيق زادها حتى لا يسعها مسك شاة فجعلها فى مسك ثور هكذا كان يزيد عليها حتى جعلها ملأ مسك بعير ولما سأل النبىّ صلى الله عليه وسلم كنانة عن الكنز قال يا أبا القاسم صرفناها فى الحروب ونوائب الدهر حتى فنيت وما بقى منها شئ وحلف على ذلك فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم ان ظهر خلاف ذلك أبحت دماءكم قالوا نعم فأشهد النبى صلى الله عليه وسلم على ذلك أبا بكر وعمر وعليا وعشرة من رجال يهود فقام يهودى وقال لكنانة ان كان ما يطلبه محمد عندك أو تعلم أين هو فأخبره تبق فى أمانه والا فو الله ليطلعنه الله عليه فتفتضح فزجره كنانة ولم يسمع كلامه

الصفحة 46