كتاب تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (اسم الجزء: 2)

* وفى الاكتفاء قال
يا نفس ان لا تقتلى تموتى ... هذى حياض الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت ... ان تفعلى فعلهما هديت
وان تأخرت فقد شقيت
يعنى صاحبيه زيدا وجعفرا ثم نزل فأتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال شدّ بها صلبك فانك قد لقيت أيامك فأخذه من يده فانتهش منه نهشة ثم سمع الحطمة فى ناحية الناس فقال وأنت فى الدنيا ثم ألقاه من يده ثم أخذ سيفه فتقدّم فقاتل حتى قتل فبادر ثابت بن قيس بن الارقم الانصارى أخو بنى العجلان وأخذ الراية فجعل يصيح يا آل الانصار فجعل الناس يثوبون اليه فقال يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم فقالوا أنت قال ما أنا بفاعل فنظر الى خالد بن الوليد فقال يا أبا سليمان خذ اللواء قال لا آخذه أنت أحق به منى لك سن قد شهدت بدرا قال ثابت خذ أيها الرجل فو الله ما أخذته الا لك وقال ثابت للناس اصطلحتم على خالد قالوا نعم فأخذ خالد اللواء وحمل بأصحابه ففض جمعا من جمع المشركين كذا فى الصفوة وقد جاء فى بعض الروايات اصطلح الناس على خالد بن الوليد وأخذ اللواء وانكشف المسلمون وكانت الهزيمة فلما سمع أهل المدينة بجيش مؤتة قادمين تلقوهم فجعلوا يحثون فى وجوههم التراب ويقولون يا فرار أفررتم فى سبيل الله فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم ليسوا بفرار ولكنهم كرار ان شاء الله تعالى* وفى الاكتفاء فلما أخذ خالد الراية دافع القوم وحاشى بهم ثم انحازوا حتى انصرف الناس قافلا ودنوا من المدينة تلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ولقيهم الصبيان يشتدّون ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل مع القوم على دابة فقال خذوا الصبيان فاحملوهم وأعطونى ابن جعفر فأتى بعبد الله بن جعفر فأخذه وحمله بين يديه وجعل الناس يحثون على الجيش التراب ويقولون يا فرار فررتم فى سبيل الله فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسوا بالفرار ولكنهم بالكرار ان شاء الله تعالى* وقالت أمّ سلمة زوج النبىّ صلى الله عليه وسلم لامرأة سلمة بن هشام بن المغيرة مالى لا أرى سلمة يحضر الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت انه والله لا يستطيع أن يخرج كلما خرج صاح به الناس يا فرار فررتم فى سبيل الله حتى قعد فى بيته* وعن أبى هريرة أنه قال لما قتل ابن رواحة انهزم المسلمون فجعل خالد يدعوهم فى أخراهم ويمنعهم عن الفرار وهم لا يسمعون حتى نادى قطبة ابن عامر أيها الناس لان يقتل الرجل فى حرب الكفار خير من ان يقتل حال الفرار فلما سمعوا كلام قطبة تراجعوا* وروى ان خالدا لما أصبح أخذ اللواء فبعد ما صفوا للقتال غير صفوف جيشه فجعل المقدمة مكان الساقة والساقة مكان المقدمة والميمنة مكان الميسرة والميسرة مكان الميمنة فوقع الكفار من ذلك فى غلط فحسبوا أن لحق المسلمين مدد فوقع فى قلوبهم من ذلك الرعب فانهزموا فتعهم المسلمون يقتلونهم كيف شاؤا فغنم المسلمون من أموالهم فرجعوا الى المدينة وفى مقفلهم مروا بمدينة لها حصن وقد كان أهل الحصن قتلوا رجلا من المسلمين فى مرورهم الى مؤتة فحاصروهم وفتحوا حصنهم وقتل خالد كثيرا منهم* وعن أنس ان النبىّ صلى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ ابن رواحة فأصيب وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتح الله عليهم* وفى معجم ما استعجم فأصيبوا متتابعين وخرج الى الظهر من ذلك اليوم تعرف الكابة فى وجهه فخطب الناس بما كان من أمرهم وقال أخذ اللواء سيف من سيوف الله يعنى خالد بن الوليد فقاتل حتى فتح الله عليه فيومئذ سمى خالد سيف الله* وفى الاكتفاء لما أصيب القوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ

الصفحة 72