كتاب تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (اسم الجزء: 2)

الحارث بن عبد المطلب ومعه ولده جعفر بن أبى سفيان وكان أبو سفيان يألف رسول الله فلما بعث عاداه وهجاه وابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب عبد الله بن أبى أمية بن المغيرة لقياه بنبق العقاب فيما بين مكة والمدينة* وفى المواهب اللدنية كان لقاؤهما له عليه السلام بالابواء وقيل بين السقيا والعرج فالتمسا الدخول عليه فأعرض صلى الله عليه وسلم عنهما لما كان يلقى منهما من شدّة الاذى والهجو وكلمته أم سلمة وهى أخت عبد الله فيهما فقالت يا رسول الله لا يكن ابن عمك وابن عمتك وصهرك أشقى الناس بك قال لا حاجة لى فيهما أما ابن عمى فهتك عرضى وأما ابن عمتى وصهرى فهو الذى قال لى بمكة ما قال فلما خرج الخبر اليهما بذلك قال أبو سفيان ومعه بنى له اسمه جعفر بن أبى سفيان والله ليأذنن لى أو لاخذنّ بيد بنى هذا ثم لنذهبن فى الارض حتى نموت عطشا وجوعا فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لهما ثم أذن لهما فدخلا عليه فأسلما* وفى المواهب اللدنية قال علىّ لابى سفيان فيما حكاه ابو عمرو وصاحب ذخائر العقبى ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل وجهه فقل ما قال اخوة يوسف تالله لقد آثرك الله علينا وان كنا لخاطئين فانه لا يرضى أن يكون أحد أحسن منه قولا ففعل ذلك أبو سفيان فقال له صلى الله عليه وسلم لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين* وقد مرّ فى أولاد عبد المطلب فى النسب ويقال ان أبا سفيان ما رفع رأسه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حياء منه قالوا ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان بقديد عقد الالوية والرايات ودفعها الى القبائل ثم سار حتى نزل مرّ الظهران فى عشرة آلاف من المسلمين لم يتخلف عنه من المهاجرين والانصار أحد* وفى القاموس ظهران واد بقرب مكة يضاف اليه مر ومرّ الظهران موضع على مرحلة من مكة وقال بعضهم ومنه الى مكة أربعة فراسخ قال ابن سعد نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ الظهران عشاء فأمر أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار وجعل على الحرس عمر بن الخطاب وقد عميت الاخبار عن قريش فلا يأتيهم خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدرون ما هو فاعل وهم مغتمون لما يخافون من غزوه اياهم وقد كان عباس بن عبد المطلب لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق فخرج فى تلك الليلة أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتجسون الاخبار هل يجدون خبرا وقد قال العباس ليلتئذ واصباح قريش والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يستأمنوا انه لهلاك قريش الى آخر الدهر فخرج على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء وقال اخرج الى الاراك لعلى ألقى بعض الخطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتى مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأتونه فيستأمنونه قبل أن يدخلها عليهم عنوة قال فخرجت وانى لا طوف فى الاراك التمس ما خرجت له اذ سمعت صوت أبى سفيان وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان فأبو سفيان يقول والله ما رأيت كالليلة قط نيرانا فقال بديل والله هذه نيران خزاعة حشتها الحرب فقال أبو سفيان خزاعة والله ألأم وأذل من ان تكون هذه نيرانها وعسكرها فعرفت صوته فقلت يا أبا حنظلة فعرف صوتى فقال أبو الفضل فقلت نعم قال مالك فداك أبى وأمى فقلت ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاءكم بما لا قبل لكم به بعشرة آلاف من المسلمين واصباح قريش قال فما الحيلة فداك أبى وأمى قلت والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب فى عجز هذه البغلة حتى آتى بك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمنه لك فردفنى ورجع صاحباه فحرّكت به بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكاه امررت بنار من نيران المسلمين قالوا من هذا فاذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا هذا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على
بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مررت بنار عمر

الصفحة 80