وفي رواية قال: كان لا يبالي بعضَ تأخيرها -يعني: العشاء- إلى نصف الليل، ولا يحب النوم قبلها، ولا الحديث بعدها (١).
قال ابن دقيق العيد: فيه دليلٌ على استحباب التأخير قليلًا؛ لأن التبعيض يدل عليه (٢).
وتعقب: بأنه بعض مطلق لا دلالة فيه على قلة ولا كثرة.
وتقدم في حديث جابر: أن التأخير إنما كان لانتظار من يجيء لشهود الجماعة (٣).
(التي تدعونها العتمة)، فيه إشارة إلى ترك تسميتها بذلك كما تقدم.
وقال الطيبي: لعل تقييده الظهرَ والعشاءَ دون غيرهما؛ للاهتمام بأمرهما، فتسميتُه الظهرَ بالأولى يُشعر بتقديمها، وتسميتُه العشاءَ بالعتمة يُشعر بتأخيرها (٤).
(وكان) - صلى الله عليه وسلم - (يكره النوم قبلها)، لأنه قد يكون سببًا لنسيانها، أو تأخيرها إلى خروج وقتها المختار، قاله ابن دقيق العيد (٥).
قا ل في "الفروع": ويكره النوم قبلها، وفاقًا لمالك، والشافعي.
وعنه -أي: الإمام أحمد-: بلا مُوقظٍ، وفاقًا لأبي حنيفة؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - رخص لعليٍّ، رواه الإمام أحمد (٦).
---------------
(١) هي رواية مسلم المتقدم تخريجها برقم (٦٤٧)، عنده.
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ١٣٨).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٢٧).
(٤) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٥) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ١٣٩).
(٦) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ١١١).