نعم، قال جمهور أهل العلم: يستحب تأخير الظهر في شدة الحر إلى أن يبرد الوقت، وينكسر الوهج.
وخصه بعضهم بالجماعة، فأما المنفرد: فالتعجيل في حقه أفضل، وهذا قول أكثر المالكية والشافعية، لكن خصه الشافعي بالبلد الحارة (١).
ومعتمد مذهبنا: يسن الإبراد؛ بأن تؤخر صلاة الظهر في شدة الحر حتى ينكسر، ولو صلى وحده.
قال في "الفروع": في صلاة الظهر: يستحب تعجيلها بأن يتأهب لها بدخول الوقت. وذكر الأزجي قولًا: [لا] يتطهر قبله إلا مع حر؛ وفاقًا لأبي حنيفة، ومالك. وقيل: لقاصد جماعة، قال جماعة: ليمشي في الفيء، وقيل: في بلد حار؛ وفاقًا للشافعي. وفي "الواضح": لا بمسجد سودق، انتهى (٢).
وفي "الفتح"، عن مذهب الشافعية: لو كان الجماعة مجتمعين، أو كانوا يمشون في كِنّ؛ فالأفضل في حقهم التعجيل. والمشهور عن الإمام أحمد: التسوية من غير تخصيص ولا قيد، وهو قول إسحاق، والكوفيين، وابن المنذر.
فإن قلت: كيف هذا، مع حديث خباب عند مسلم: شكونا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حر الرمضاء في جباهنا، وأكفنا، فلم يُشْكِنا (٣)؛ أي: لم يزل
---------------
(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ١٦).
(٢) انظر: "الفروع" لابن مفلح (١/ ٢٦٠).
(٣) رواه مسلم (٦١٩)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر. دون قوله: "في جباهنا وأكفنا". ورواه كذلك الطبراني في "المعجم الكبير" (٣٧٠٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ١٠٤).