كتاب نيل المارب بشرح دليل الطالب (اسم الجزء: 2)

شاءَ الصلاةَ فيه من المسلمين، (بالصلاةِ فيه) حتى لو كان المكانُ المأذونُ في الصلاة فيه أسفَلَ بيتِهِ، أو عُلْوَهُ أو وسطه، فإنه يصح وإن لم يذكر استطراقاً، ويَسْتَطْرِقُ، (أو يجعلَ أرضَهُ) مهيَّأة لأن تكونَ (مقبَرَةً ويأذنَ إذناً عامًّا بالدفنِ فيها،) لأنَّ الإذنَ الخاصَّ قد يقعُ على غيرِ الموقوفِ، فلا يفيدُ دلالةَ الوقفِ. قاله الحارثي.
(و) الثاني: (بالقول) روايةً واحدة.
والإشارةُ المفهمِةُ من الأخرس كالقول.
(وله) أي للوقف باللفظ (صريحٌ وكناية).
(فصريحُهُ) ثلاثةُ ألفاظٍ (¬1) (وقفتُ وحبستُ وسبَّلْتُ.)
فمن أتى بكلمةٍ من هذه الكلمات صحّ بها الوقفُ، لعدم احتمالِ غيرِهِ، بعُرْفِ الاستعمالِ المنضمِّ إليه عُرْفُ الشرع، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن شئت حبَّسْتَ أصْلَها وسبَّلْتَ ثَمَرَتها" (¬2) فصارت هذه الألفاظُ في الوقفِ صريحةً فيه، كلفظ التطليق في الطلاق.
(وكنايَتُهُ) أي الوقف، ثلاثة ألفاظٍ: (تصدّقْتُ، وحرَّمْتُ، وأبَّدْتُ.)
وإنما كانت هذه الألفاظُ كنايةً، لعدم خَلَاصِ كلّ لفظٍ منها عن اشتراكٍ، فإن الصدقة تُسْتَعْمَلُ في الزكاة، وهي ظاهرةٌ في صدقة
¬__________
(¬1) في (ب، ص): هنا عبارة زائدة "كلفظ المطلّق في الطلاق وهي ساقطة من (ف) فحذفناها لذلك، ولإغناء ما يأتي بعد ثلاثة أسطر عنها. ولعلها من تكرار النُّسّاخ.
(¬2) حديث "إن شئت حبست أصلها ... " قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر. وهو متفق عليه. ونصه بتمامه: عن ابن عمر قال "أصاب عمر أرضاً بخيبر؛ فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها. فقال: يا رسول الله إني أصبتُ مالاً بخيبر لم أُصب مالاً أنْفَسَ عندي منه، فما تأمرني فيه؟ فقال: إن شئتَ حبَّستَ أصلها وتصدقتَ بها، غير أنه لا يباعُ أصلها ولا يوهب ولا يورث. قال فتصدّق بها عمر في الفقراء، وفي القربى، والرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وَلِيَها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقاً، غير متمول فيه."

الصفحة 10