كتاب نيل المارب بشرح دليل الطالب (اسم الجزء: 2)

الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: هاتانِ ابنتَا سعدٍ، قُتِلَ أبوهُمَا معك يومَ أُحُدٍ، وإنّ عمّهما (¬1) أخَذَ مالَهما فلم يدع لهما شيئاً من ماله. قال: يقضي اللهُ في ذلك. فنزلتْ آيةُ المواريث. فدعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عمهما (¬2)، فقال: أعطِ ابنتيْ سعدٍ الثلثينِ، وأعطِ أمّهما الثمن، وما بقي فهو لك" رواه أبو داود وصححه الترمذي. فدلّت الآية على فرضِ ما زادَ على الثلثين، ودلّت السنة على فرض الاثنتين (¬3). و"فوقُ" في الآية الكريمةِ ادُّعِيَ زيادتُها. وقيل: المعنى: اثنتين فما فوق.
وأما كون الثلثين فرضَ الأختين للأبوين أو للأب فلقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} قال في المغني: والمراد بهذه الآية الكريمة وَلَدُ الأبوين، أو ولدُ الأب، بإجماع أهل العلم.
(والثلث: فرض اثنين):
(فرضُ وَلدي الأمِّ) ذكرين، أو أُنثيين، أو خُنْثيين، أو مختلفين، (فأكثر، يستوي فيه) أي الثلث (ذكرُهُمْ وأنثاهم) إجماعاً، لقوله جل وعلا: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} أجمعوا على أنّها نزلت في الإِخوة للأمِّ. والكلالة الورثةُ غيرَ الأبَوينِ والوَلَدَينِ. نص عليه. وهو قول الصدِّيق. وقيل: الميّت الذي لا وَلَدَ له ولا والد. وروي عن عمر وعلي وابن مسعود. وقيل: قرابةُ الأم.
(و) الثلث (فرض الأمّ) أيضاً (حيث لا فرعٌ وإرثٌ للميت، ولا
¬__________
(¬1) في الأصول "وابن عمّهما" وما ذكرناه الصواب كما في تفسير القرطبي وكتب الحديث.
(¬2) في الأصول أيضاً "ابن عمّهما". وصححناه بحذف "ابن". والحديث رواه أبو داود وصححه الترمذي والحاكم (منار السبيل 2/ 57).
(¬3) بل في القرآن أيضاً الدلالة على الثنتين، وهو الآية التي في آخر سورة النساء، وفيها في حق الأختين "فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك " فالبنتان أولى.

الصفحة 60