كتاب النكت الوفية بما في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

((الحافظُ المجاورُ بمكةَ: ثقةٌ ولكنّهُ (¬1) كانَ يطلبُ على التحديثِ ويعتذرُ بأنهُ محتاجٌ، قالَ الدارقطنيُّ: ثقةٌ مأمونٌ، ثم حَكَى عنْ عبدِ الملكِ بنِ أيمنَ أنهُ سألَ: هل كنتُم تعيبونَ هذا؟ - يعني: أخذَهُ الأجرةَ --قال: لا، إنما العيبُ عندهمُ الكذبُ، وهذا كانَ ثقةً، قالَ: وكانَ أهلُ خراسانَ إذا تناومَ رشّوا في وجههِ الماءَ)) (¬2).
قولهُ: (بأخذ الأجرةِ على تعليم القرآنِ ونحوهِ) (¬3)، أي: أنَّ آخذَ الأجرةِ على التحديثِ منْ هذا الوادي، فإنَّهُم لما ذَكروا أنّ منْ شروطِ الإجارةِ حصولَ المنفعةِ للمستأجرِ ذَكروا القربَ / 230ب / وذَكروا أنَّ إمامَ الحرمينِ ضَبطَها بأنها قسمانِ:
أحدُهما: تتوقفُ صحتُهُ على النيةِ فتجوزُ الإجارةُ على ما يُستنابُ فيهِ كالحجِّ وتفرقةِ الزكاةِ دونَ غيرهِ.
والثاني: لا يتوقفُ، وهذا الثاني: نوعانِ: فرضُ كفايةٍ، وشعارٌ غيرُ فرضٍ. والأولُ منَ الثاني ضربانِ:
أحدُهما: يختصُ افتراضهُ بشخصٍ وموضع معينٍ، ثمَّ يُؤمرُ بهِ غيرُهُ إنْ عجزَ، كتجهيزِ الميتِ، فإنَّهُ يلزمُ منَ التركةِ، فإنْ لم يكنْ فعَلَى الناسِ، فمثلُ هذا لا (¬4) يجوزُ الاستئجارُ عليهِ؛ لأنَّ الأجيرَ غيرُ مقصودٍ بفعلهِ حتى يقعَ عليهِ.
الضربُ الثاني: ما ثبتَ فرضُهُ في الأصلِ شائعاً غيرَ مختصٍّ كالجهادِ، فلا يجوزُ استئجارُ المسلمِ عليهِ؛ لأنَّهُ مأمورٌ بهِ فيقعُ عنهُ، ويجوزُ استئجارُ الذميِّ عليهِ؛ لأنَّهُ لا يقعُ عنهُ (¬5).
¬__________
(¬1) في " لسان الميزان ": ((لكنه)).
(¬2) لسان الميزان 4/ 241.
(¬3) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 365.
(¬4) لم ترد في (ف).
(¬5) في (ف): ((عليه)).

الصفحة 13