كتاب النكت الوفية بما في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)
واعلَمْ: أنَّ سبيلَ التجريحِ سبيلُ التوثيقِ في أنَّ أدْوَنَ مراتِبِهِ - أعني: أعظمَها قدحاً وأقبَحَها جَرْحاً - صيغةُ ((أفعلَ))، كأكذبُ الناسِ، كما قالَهُ شيخُنا، فتصيرُ المراتبُ سِتاً، بل سَبعاً على ما مَضى (¬1).
قولهُ: (وقد فَرَّقْتُ بينَ بعضِ (¬2) هذه الألفاظِ) (¬3) قال ابنُ الأثيرِ في "النهاية": ((والتفرقُ والافتراقُ سواءٌ، ومنهم مَنْ يجعلُ التفرُّقَ بالأبدانِ، والافتراقُ في
الكلامِ، يُقالُ: فرَّقتُ بينَ الكلامينِ فافترقا، وفرَّقتُ بين الرجلينِ فتفَرَّقا)) (¬4). وعلى هذا يمكنُ قراءة / 240ب / هذه اللفظةِ - مُخففةً - بمعنى: أنَّه فَرَّق بينَ معاني هذه الألفاظِ ومشدَّدةً؛ لأنَّها إذا تباينتْ معانيها صارتْ كلُّ واحدةٍ منْ رُتبةٍ، غيرِ رُتبةِ الأخرى، فتباعدَ ما بين الألفاظِ، وذلكَ هو تفرُّقُ الأبدانِ.
قولهُ: (فيمنْ تركوا حديثَهُ) (¬5) قالَ بعضُ أصحابِنا: عبارةُ ابنِ كثيرٍ: ((فإنَّهُ يكونُ في أدنى المنازلِ عندَهُ وأردئِها)) (¬6).
قولهُ: (المراتب الثلاثةُ) (¬7) أصلحهُ المصنفُ بعدَ قراءةِ شيخِنا البُرهانِ الحلبيِّ عليهِ ((الثلاث)) فأسقطَ تاء التأنيثِ كما هو دأبُ العددِ المؤنثِ.
قولهُ: (حديثُهُ منكرٌ) (¬8) قالَ شيخُنا: كانَ ينبغي أنْ يُنبِّهَ على أنَّ البخاريَّ قال: ((مَنْ قُلتُ: حديثُهُ منكرٌ فلا يحلُّ الاحتجاج به)) كما بيَّنَ اصطلاحَهُ في
¬__________
(¬1) عبارة: ((بل سبعاً على ما مضى)) لم ترد في (ب) و (ف).
(¬2) لم ترد في (ف).
(¬3) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 377.
(¬4) النهاية 3/ 439.
(¬5) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 377.
(¬6) اختصار علوم الحديث 1/ 320 وبتحقيقي: 174.
(¬7) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 377.
(¬8) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 378.
الصفحة 34