كتاب التعليق الممجد على موطأ محمد (اسم الجزء: 2)

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَمَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ لَمْ يُحَرِّم شَيْئًا لأَنَّ اللَّهَ عزَّ وَجَلَّ قَالَ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعن (¬1) أولادَهن حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (¬2) فَتَمَامُ الرَّضَاعَةِ الْحَوْلانِ، فَلا رَضَاعَةَ بَعْدَ تَمَامِهِمَا تُحَرِّم (¬3) شَيْئًا. وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَحْتَاطُ (¬4) بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، فَيَقُولُ: يُحَرِّم (¬5) مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَبَعْدَهُمَا إِلَى تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَذَلِكَ
¬__________
ابن عباس أنه قال: كان ذلك. فأما اليوم، فالرضعة الواحدة تحرِّم حكاه عنه أبو بكر الرازي ومثله رُوي عن ابن مسعود، وقال ابن بطّال: أحاديث عائشة في هذا الباب مضطربة، فوجب تركها والرجوع إلى كتاب الله تعالى، كذا في "البناية".
(¬1) خبر بمعنى الأمر أي ليرضعن.
(¬2) مفهومه ما ذكره تعالى بعده: {فإنْ أرادا فصالاً عن تراضٍ منهما وتشاوُرٍ فلا جُناح عليهما} (سورة البقرة: الآية 233) .
(¬3) قوله: تحرم شيئاً، وعليه يتفرع أن الزوج لو مصَّ ثدي زوجته ودخل في حلقه لبنها لا تحرم عليه إذا كان كبيراً، بذلك أفتى ابن مسعود، ورجع إليه أبو موسى الأشعري بعد ما أفتى خلافه، كما رواه مالك في "الموطأ" ليحيى.
(¬4) قوله: يحتاط، فيه إشارة إلى أنه حكمٌ مبني على الاحتياط وليس أمراً ثابتاً بالنص ولا يخفى أنه لا احتياط بعد ورود النصوص بالحولين مع أن الاحتياط هو العمل بأقوى الدليلين وأقواهما دليلاً قولهما.
(¬5) أي يحرم الرضاع في مدة حولين ونصف حول.
(¬1) أي مجموعة.

الصفحة 607