كتاب التعليق الممجد على موطأ محمد (اسم الجزء: 2)
شَهْرِ رَمَضَانَ كلِّ صومٍ كَانَ قَبْلَهُ، ونَسَخَ غُسلُ الْجَنَابَةِ كلَّ غُسل كَانَ (¬1) قَبْلَهُ، ونَسَخَتِ الزكاةُ كل صدقة (¬2) كان قبلها. كذلك بَلَغَنَا.
¬__________
وبالجملة الحكم بنفي مشروعيتها في الإِسلام مطلقاً غير صحيح. وترك الأحاديث الصريحة المرفوعة والموقوفة الواردة في هذا الباب بقول محتمل غير متأصِّل غير نجيح.
- السادس: أن البلاغ الثاني لا يثبت من طريق محتَجّ به حتى يحتج به.
السابع: بعد تسليم ثبوته ظاهره يدل على منسوخية وجوب العقيقة ونحوها فإن معناه نسخ الأضحى لزوم كل ذبح كان قبله كالعقيقة، وكالعتيرة وكالرجبية، وكانتا في الجاهلية فإنهم كانوا إذا ولدت الناقة أو الشاة ذبحوا أول ولد، فأكل وأطعم، وكان بعضهم ينذر بأنه إذا بلغ شاته كذا ذبح من كلِّ عَشَرة شاةً، وكانوا يذبحون شاةً لتعظيم شهر رجب، ويدل عليه ضمّه بنسخ صوم شهر رمضان كل صوم كان قبله فإنه كان صوم يوم عاشوراء وأيام البيض فرضاً، فلما نزل صوم رمضان نسخ وجوب ذلك على ما بسطه الحازمي في "كتاب الناسخ والمنسوخ"، فكما أن نسخ صوم رمضان لما قبله لم يدل إلا على عدم لزومه، ولا على عدم مشروعيته وانتفاء فضيلته، كذلك نسخ الأضحى كلَّ ذبح كان قبله لا يدل على انتفاء استحبابه وشرعيته. وقال صاحب "البدائع": ذكر محمد في "الجامع الصغير": ولا يُعَقّ لا عن الغلام ولا عن الجارية، وإنه إشارة إلى الكراهة لأن العقيقة كانت فضيلة ونُسخ الفضل، فلا يبقى إلا الكراهة بخلاف الصوم والصدقة فإنهما كانتا من الفرائض، فإذا نسخت الفرضية يجوز التنفل بهما. انتهى. وردّه القاري بقوله: فيه بحث لأن الفضيلة إذا انتفت تبقى الإِباحة لأن النسخ ما توجّه إلا إلى زيادة. وهذا على تقدير أنه كان فضيلة، وإلا فالظاهر من ذكرها مع الصوم والصدقة أنهما على منوالهما في كونهما واجبة. انتهى.
فليتأمل في هذا المقام فإنه من مزال الأقدام، وانظر ما ذكرنا في هذا البحث في سلك نظائره التي لم يقف عليها الأعلام.
(¬1) قال القاري: لم أعرفه.
(¬2) قال القاري: هذا أيضاً غير معروف. انتهى. قلت: هو ما روي عن
الصفحة 666
679