كتاب الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (اسم الجزء: 2)

أراد بيَ التي لا عزَّ فيها ... فحالت دونَهُ أيدٍ مَنيعه
قوله: بنو وليعة هم أخواله من الكِندة، وأمه زُرعة بنت مِشرح الكندية، ثم أحد بني وليعة، وقد تقدم ذكرها وذكر بنيها قبل. وقوله: كتائب مُسرف، يعني مُسلم بن عقبة المرِّيَّ صاحب الحرَّة، وأهل الحجاز يسمونها مُسيرفا وكان أراد أهل المدينة جميعا على أن يبايعوا يزيد بن معاوية، على أن كلَّ واحد منهم عبدٌ قِنٌ له إلاَّ إلا عليَّ بن الحسين. فقال حُصين بن نُمير السَّكونيُّ من كِندة: ولا يبايع ابن أختنا عليَّ عبد الله إلا ما يبايع عليه عليُّ ابن الحسين، على أنه ابن عمِّ أمير المؤمنين وإلا فالحرب بيننا. فأُعفيَ عليُّ بن عبد الله، وقُبِل منه ما أراد، فقال هذا الشعر لذلك. وقوله بني اللَّكيعة فهي اللئيمة. ويقال في النداء للَّئيم: يا لُكع، وللأنثى: يا لَكَاع، لأنه موضع معرفة. كما يُقال: يا فُستقُ ويا خُبثُ، فإن لم تُرد أن تعد له عن جهته قلت للرجل: يا لُكعُ، وللأنثى يا لْكعاء. وهذا موضع لا تقع فيه النكرة. وقد جاء في الحديث، والأصل ما ذكرت لك " لا تقوم الساعة حتى يلي الناس لُكع بن لُكع ". فهذا كناية عن اللئيم بن اللئيم، وهذا بمنزلة عُمر ينصرف في النكرة ولا ينصرف في المعرفة. ولُكاع يُبنى على الكسر. وقد اضطرَّ الحطيئة فذكر لكاعِ في غير النداء. وقال يهجو امرأته:
أطوِّفُ ما أطوِّفُ ثم آوي ... إلى بيتٍ قعيدته لَكاعِ
وكان عبد الملك بن مروان يكرم عليَّا ويُقدِّمه. قال علي بن عبد الله: سايرتُ يوما عبد الملك، فما جاوزنا إلا يسيرا حتى لقيه الحجاج قادما عليه. فلما رآه ترجَّل ومشى بين يديه. فحثَّ عبد الملك فأسرع الحجاج، فزاد عبد الملك فهرول الحجاج. فقلت لعبد الملك: أَبِكَ مَوجدة على هذا؟ قال: لا، ولكنه رفع من نفسه، فأحببتُ أن أغُضَّ منه.
وحضر عليٌّ عبد الملك وقد أُهديت له من خراسان جارية وفَصٌّ وسيف فقال: يا أبا محمد، إن حاضر الهدية شريك فيها، فاختر من الثلاثة واحدا. فاختار الجارية وكانت تُسمَّى سُعدى، وهي من سبي الصُّغد من رهط عُجيف بن عَنبة.

الصفحة 25