كتاب الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (اسم الجزء: 2)

آمنة: " حملت به، فوالله ما رأيت من حمل قطُّ كان أخف ولادة أيسر منه. ووقع حين ولدته، وإنه لواضع يديه بالأرض، رافع رأسه إلى السماء، رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
ولما وضعته أمُّه صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى جدِّه عبد المطلب: إنه قد ولد لك غلام فأته فانظر إليه. فأتاه فنظر إليه، وحدَّثته بما رأت حين حملت به، وما قيل له وما أمرت أن تُسِّميه. فأخذه عبد المطلب، فدخل به الكعبة، فقام يدعوا الله ويتشكَّر له ما أعطاه، ثمَّ خرج به إلى أمِّة، فدفعه إليها.
وأرضعته رسول الله صلى الله عليه وسلم حليمة بنت أبي ذؤيب السَّعديَّةُ من بني سعد أبن بكر بن هوزان بن منصور، ورأت بها في طريقها من الأتان عجبا وفي حاضرها من البركات ما أخصب به محلُّها، وتعَّجب منه قومها. وكان يشبُّ شبابا لا يشبُّه الغلمان. فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا. ثم ردَّته حليمة على أمِّه، وهي أحرص شيء على مكثه فيهم، لما كانوا يرون من بركته. فكلَّمت أمَّه فيه وقالت له: لو تركت بنيِّي عندي حتى يغلظ، فإني أخشى عليه وباء مكة. فلم تنزل بها حتى رجعت بهز وبعد مقدمتها من به بأشهر كان أمر شقِّ بطنه خلف بيوت حليمة، أخبرها بذلك ابنها. والخبر مشهور فردّته حليمة إلى أمه.
وروي عن خالد بن معدان الكلاعيِّ أن نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله أخبرنا عن نفسك. قال: " نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى. ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام. واسترضعت في نبي سعد بن بكر، فبينما أنا مع الخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا إذ أتانى رجلان عليهما الثياب بيض بطست من ذهب مملوءة ثلجا، فأخذاني فشقّا بطني، ثم استخرجا قلبي، فشقّا فاستخرجا منه علقة سوداء، فطرحاها ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى أنقياه - قال: - ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشره من أمته. فوزنني بهم فوزنتهم. ثم قال: زنة بألف من أمَّته، فوزنني بهم فوزنتهم. فقال: دعه عنك، فلو وزنته بأمَّته لوزنها ".

الصفحة 52