كتاب الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (اسم الجزء: 2)

وتزوج خديجة بنت خويلد بشهرين وخمسة وعشرين يوما في عقب صفر. وكانت خديجة يوم تزوجها بنت أربعين سنة. وشهد صلى الله عليه وسلم بنيان الكعبة، وتراضت قريش بحكمة في الحجر وهو أبن خمس وثلاثين سنة.
ولما بلغ صلى الله عليه وسلم أربعين سنة بعثه الله تعالى رحمة للعالمين وكافَّةً للناس يوم الاثنين في شهر رمضان. وقيل: بل بُعث يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول فأسرَّ أمره ثلاث سنين أو نحوها. حدَّث أحمد بن زهير قال: نا موسى بن إسماعيل قال: نا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند، عن الشِّعبي قال: بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين، فوُكِّل به إسرافيل عليه السلام ثلاث سنين، ثم وُكِّل به جبريل. وأعلن بالدعاء بعد ذلك إلى الله، وسفّه أحلام قومه وضلَّلهم، وعاب أصنامهم، فقالوا قومه قتلَه فأجاره عمُّه أبو طالب، ولم يزل في جواره، إلى أن توفي في النِّصف من شوال سنة عشرين من المبعث. وحصرت قريش النبيَّ صلّى الله عليه وسلم وأهل بيته بني هاشم، ومعهم بنو المطَّلب في الشِّعب بعد المبعث بستِّ سنين. فمكثوا في ذلك الجدار ثلاث سنين، وخرجوا منه في أول سنة خمسين من عام الفيل. وتوفي أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر، وتوفيت خديجة بعده بثلاثة أيام. وروى مَعمرٌ عن عن الزُّهريّ عن سعيد بن المُسيَّب، عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية فقال: يا عمِّ قل لا إله إلا الله، كلمة أحاجُّ لك بها عند الله. فقال له أبو جهل وعبد الله بن أبي أميّة: يا أبا طالب، أترغب عن ملة المطلب؟ فقال النبي عليه السلام: لأستغفِرَنَّ لك ما لم أُنهَ عتك. فنزلت:) ما كان للنبيِّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى (. إلى آخر الآية. ونزلت) إنك لا تهدي مَن أحببتَ ولكنَّ الله يهدي من يشاء (.
وقال مسدَّد بن مُسَرهد في مسنده: حدَّثنا سفيان قال: حدثني أبو إسحاق عن يحيى بن ناجية بن كعب، عن عليٍّ رضي الله عنه قال: قلتُ للنبيِّ صلى

الصفحة 54