كتاب الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (اسم الجزء: 2)

يقضي على الناس ولا يقضون عليه، ويملك من الناس ولا يملكون منه. الله أكبر ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم ".
ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا صلى الجمعة لا يحرِّك راحلة، يقول: " دعوها فإنها مأمورة ". فمشت حتى بركت في موضع مسجده الذي أنزله الله به في بني النجار، وكان مربدا لغلامين يتيمين من بني النجار " سهل وسهيل " ابني عمرو، وكانا في حجر معاذ بن عفراْ. فنزل عشية الجمعة، ومن مقدمته المدينة أرِّخ التاريخ في زمن عمر رضي الله عنه.
ولم يغز رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك السنة، وآخى بين المهاجرين والأنصار بعد ذلك بخمسة أشهر. وبعث حمزة عمَّه في جمادى الأولى في السنة الثانية، فكان أول من غزا النبي في سبيل الله، وأول من عقدت له راية في الإسلام. خرج في ثلاثين راكبا من المهاجرين، ليس فيهم من الأنصار أحد، إلى سيف البحر، فلقوا أبا جهل بن هشام في ثلاثمائة من قريش، فحجز بينهم مجدُّي بن عمرو، وكان موادعاً للفريقين. ثمَّ بعث عبيدة بن الحارث بن عبد المطلِّب ابن عبد مناف في خمسين راكبا، يعارض عيرا لقريش، فلقوا جمعا كثيرا، فتراموا بالنَّبل، ولم تكن بينهم مسايفة. ثم بعث عبد الله بن جحش في سنة اثنتين إلى نخلة في آخر جمادى الآخرة، وفيها قتل ابن الحضرمي عمرو لليلة بقيت من جمادى الآخرة.
وفي السنة الثانية من الهجرة صرف الله تعالى ذكره قبلة المسلمين من الشام إلى الكعبة في شعبان. الطبري: حدّثنا ابن حُمَيد قال: نا سَلَمَةُ عن ابن إسحاق قال: صُرفت القبلة في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة. وحُدِّثتُ عن ابن سعد عن الواقديِّ مثل ذلك، وقال: صُرفت القبلة في الظُّهر يوم الثلاثاء للنصف من شعبان.
قال الطبري: وفي هذه السنة فُرض، فيما ذُكِر، صوم شهر رمضان، قيل: إنه فُرض في شعبان منها. وفيها، أُمِر الناس بإخراج زكاة الفطر. وقيل: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس قبل افطر بيوم أو يومين، وأمرهم بذلك. وفيها، فيما ذُكر، حُمِلَت العنزة له إلى المُصلَّى، فصلى إليها وكانت للزبير ابن العوَّام،

الصفحة 57