كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 2)

فَصْلٌ
إِذا ثَبَتَ هَذَا رَجَعْنَا مِنْهُ إِلى مَعْنَى آخَرَ فَنَقُولُ:
إِذا تَبَيَّنَ (¬1) أَن لِلرَّاسِخِينَ طَرِيقًا يَسْلُكُونَهَا فِي اتِّبَاعِ الْحَقِّ، وأَن الزَّائِغِينَ على طريق (¬2) غير طريقهم؛ احتجنا (¬3) إِلى بيان الطريق التي سلكها هؤلاء لنَجْتَنِبَها (¬4)، كما بُيِّن (¬5) الطَّرِيقَ الَّتِي سَلَكَهَا الرَّاسِخُونَ لِنَسْلُكَهَا، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ أَهل أُصول الْفِقْهِ وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِيهِ، وَلَمْ يَبْسُطُوا الْقَوْلَ فِي طَرِيقِ الزَّائِغِينَ، فَهَلْ يُمْكِنُ حَصْرُ مَآخِذِهَا أَوْ (¬6) لَا؟ فَنَظَرْنَا فِي آيَةٍ أُخرى تَتَعَلَّقُ بِهِمْ كَمَا تَتَعَلَّقُ بِالرَّاسِخِينَ، وهي (¬7) قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (¬8): {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (¬9)، فأَفادت الْآيَةُ أَن طَرِيقَ الْحَقِّ وَاحِدَةٌ، وأَن لِلْبَاطِلِ طُرُقًا مُتَعَدِّدَةً لَا وَاحِدَةً، وَتَعَدُّدُهَا لَمْ ينحصر بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ. وَهَكَذَا الْحَدِيثُ المفسِّر لِلْآيَةِ، وَهُوَ قول ابن مسعود رضي الله عنه: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم يوماً (¬10) خَطًّا؛ فَقَالَ: "هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ"، ثُمَّ خَطَّ لَنَا خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ وَقَالَ: "هَذِهِ سُبُلٌ، على (¬11) كل (¬12) سبيل منها شيطان (¬13) يدعو
¬_________
(¬1) قوله: "إذا تبين" ليس في (خ).
(¬2) قوله: "طريق" من (خ) فقط.
(¬3) في (خ): "فاجتمعنا".
(¬4) في (خ): "لنتجنبها".
(¬5) في (خ): "نبين".
(¬6) في (غ) و (ر): "أم لا".
(¬7) في (م): "وهو".
(¬8) في (خ): "قوله تعالى".
(¬9) سورة الأنعام: الآية (153).
(¬10) قوله: "يوماً" ليس في (خ) و (م).
(¬11) قوله: "على" سقط من (م).
(¬12) من قوله: "سبيل الله" إلى هنا سقط من (خ)، وحاول رشيد رضا إصلاحه، وعلَّق عليه بقوله: "كان الحديث محرّفاً، وفيه حذف".
(¬13) في (خ): "عليه شيطان".

الصفحة 10