كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 2)

أَو عدد ما، أَو كيفية ما (¬1)، فيلزم أَن تكون (¬2) أَحكام تلك الزيادة (¬3) ثَابِتَةً بِغَيْرِ الصَّحِيحِ، وَهُوَ نَاقِضٌ لِمَا أَسَّسَهُ (¬4) العلماءُ.
وَلَا يُقَالُ: إِنهم يُرِيدُونَ أَحكام الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ فَقَطْ؛ لأَنا (¬5) نَقُولُ: هَذَا تَحَكُّمٌ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، بَلِ الأَحكام خَمْسَةٌ. فَكَمَا لَا يثبت الوجوب إِلا بالصحيح، كذلك الندب (¬6) والإِباحة وغيرهما (¬7) لا تثبت (¬8) إِلا بِالصَّحِيحِ (¬9)، فإِذا ثَبَتَ الْحُكْمُ فَاسْتَسْهِلْ (¬10) أَن يَثْبُتَ فِي أَحاديث التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَلَا عَلَيْكَ.
فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ: كُلُّ مَا رُغِّب (¬11) فِيهِ إِن ثبت حكمه أو مرتبته في المشروعات من طريق صحيح، فالترغيب (¬12) بِغَيْرِ الصَّحِيحِ مُغْتَفَر، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ التَّرْغِيبِ، فَاشْتَرِطِ الصِّحَّةَ أَبَدًا، وَإِلَّا (¬13) خَرَجْتَ عَنْ طَرِيقِ الْقَوْمِ الْمَعْدُودِينَ فِي أَهْلِ الرسوخ. فلقد غلط في هذا الْمَكَانِ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ يُنسب إِلَى الْفِقْهِ، وَيَتَخَصَّصُ عَنِ الْعَوَامِّ بِدَعْوَى رُتْبَةِ الخَوَاصّ. وَأَصْلُ هَذَا الغلط: عدم فهم معنى (¬14) كلام المحدِّثين في الموضعين، وبالله التوفيق.
¬_________
(¬1) في (خ): "بزمان أو عدد أو كيفية ما"، وفي (م): "بزمان أو عدد ما أو كيفية ما".
(¬2) في (خ) و (م): "يكون".
(¬3) في (خ) و (م): "الزيادات".
(¬4) في (خ) و (م): "ناقض إلى ما أسسه".وعلق عليه رشيد رضا بقوله: الظاهر أن يقال: "لما".اهـ.
(¬5) في (م): "لا".
(¬6) في (غ) و (ر): "المندوب".
(¬7) في (غ) و (ر): "وغيرها".
(¬8) في (م): "لا يثبت".
(¬9) من قوله: "كذلك الندب ... " إلى هنا سقط من (خ).
(¬10) في (خ): "فاشتهل".
(¬11) في (غ) و (ر): "كل مرغب".
(¬12) علق رشيد رضا هنا بقوله: لعله سقط من هنا لفظ "فيه".
(¬13) في (غ) و (ر): "وإن" بدل: "وإلا".
(¬14) قوله: "معنى" من (غ) و (ر).

الصفحة 31