كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 2)

وَرُؤْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآخِرَةِ (¬1). وَكَذَلِكَ حديث الذباب ومَقْلِه، وأنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وفِي الْآخَرِ دَوَاءً، وَأَنَّهُ يقدِّم الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ (¬2). وَحَدِيثُ الَّذِي أَخَذَ أَخَاهُ بطنُه فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَقْيه الْعَسَلَ (¬3)، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَنْقُولَةِ نَقْلَ الْعُدُولِ.
وربما قَدَحُوا فِي الرُّوَاةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ الله تعالى عنهم ـ وحاشاهم (¬4) ـ، وَمَنِ (¬5) اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ مِنَ المحدِّثين عَلَى عَدَالَتِهِمْ وَإِمَامَتِهِمْ، كُلُّ ذَلِكَ لِيَرُدُّوا بِهِ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ فِي الْمَذْهَبِ، وَرُبَّمَا رَدُّوا فَتَاوِيَهُمْ وَقَبَّحُوهَا فِي أَسْمَاعِ الْعَامَّةِ؛ لينفِّروا الْأُمَّةَ (¬6) عَنْ أَتْبَاعِ السنة وأهلها، كما روي (¬7) عن بكر بن حمران قَالَ: قَالَ عَمْرُو (¬8) بْنُ عُبَيْدٍ: لَا يُعْفَى عن اللص
¬_________
(¬1) رؤية الله جل وعلا ثابتة بالكتاب والسنة:
قال تَعَالَى: {وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ *} سورة القيامة: الآيتان (22، 23).
وفي حديث أبي سعيد المتقدم في التعليق قبل السابق، الذي أخرجه البخاري ومسلم في ذكر الصراط: قوله: قلنا: يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: "هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحواً؟ " قلنا: لا. قال: "فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما ... " الحديث.
(¬2) حديث الذباب: أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (3320) من حديث عبيد بن حنين، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإن في إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء".
وأخرجه أبو داود (3844)، وابن خزيمة برقم (105)، وابن حبان برقم (1246/ الإحسان) من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة، وفيه: "وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء".
(¬3) حديث العسل: أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (5684)، ومسلم في "صحيحه" رقم (2217) كلاهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(¬4) قوله: "وحاشاهم" ليس في (غ) و (ر) و (م).
(¬5) في (خ): "فمن".
(¬6) في (خ): "لينفروا الأئمة بل الأمة"، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: نص النسخة: "لينفروا الأئمة بل الأمة". اهـ، وانظر التعليق بعد الآتي.
(¬7) أخرج القصة العقيلي في "الضعفاء" (3/ 286)، وابن عدي في "الكامل" (5/ 101)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (12/ 178).
(¬8) في (خ): "رسول بل عمرو"، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: نص النسخة: "رسول بل عمرو"، وكلاهما من الإضراب عن الغلط مع إبقائه، وتقدم مثله مراراً. اهـ.

الصفحة 33