كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 2)

ـ الذي لا إله إلا هو ـ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْهُ (¬1). فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَوْنٍ. قَالَ: فَلَمَّا عَظُمت الحلقة قال (¬2): [يا بكر] (¬3) حَدِّث القوم (¬4).
وَقَدْ جَعَلُوا الْقَوْلَ بِإِثْبَاتِ الصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ وَالْحَوْضِ قَوْلًا بِمَا لَا يُعْقَلُ. وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُهُمْ: هَلْ يَكْفُرُ مَنْ قَالَ بِرُؤْيَةِ الْبَارِي فِي الْآخِرَةِ؟ فَقَالَ: لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ مَا لَا يَعْقِلُ، وَمَنْ قَالَ مَا لَا يَعْقِلُ فَلَيْسَ بِكَافِرٍ (¬5).
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى نَفْيِ أَخْبَارِ الْآحَادِ جُمْلَةً (¬6)، وَالِاقْتِصَارِ عَلَى مَا اسْتَحْسَنَتْهُ (¬7) عُقُولُهُمْ فِي فَهْمِ الْقُرْآنِ، حَتَّى أَبَاحُوا الْخَمْرَ بِقَوْلِهِ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الْآيَةَ (¬8). فَفِي هؤلاءِ وَأَمْثَالِهِمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا أُلفينّ أَحدكم مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يأْتيه الأَمر مِنْ أَمري مِمَّا أَمرت بِهِ أَو نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: لا أَدري، ما وجدنا في
¬_________
=فالحديث بطرقه السابقة موصولها ومرسلها يغلب على الظن ثبوته، وقد صححه ابن عبد الهادي في "التنقيح" كما في "نصب الراية" (3/ 369)، وقال ابن كثير في "تحفة الطالب" (ص223): "وهذا الحديث روي من طرق كثيرة متعددة يشد بعضها بعضاً، ومن الرواة من أرسله، ومنهم من وصله".
وصححه الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في "إرواء الغليل" (7/ 345 رقم 2317).
(¬1) من قوله: "قال: فحلف بالله" إلى هنا سقط من (م) و (خ)، والمثبت من (غ) و (ر) ومن مصادر التخريج.
(¬2) أي: ابن عون.
(¬3) في جميع النسخ: "يا أبا بكر"، وهو خطأ، والمثبت هو الصواب كما في مصادر التخريج، وكما في أول السياق، وجاءت على الخطأ في "الكامل" المطبوع، ولكنها على الصواب في مخطوطة أحمد الثالث (ل612/ب)، وتصحف "حمران" في "تاريخ بغداد" إلى: "حمدان"، وانظر "الجرح والتعديل" (2/ 383 رقم 1495).
(¬4) قوله: "القوم" سقط من (خ) و (م).
(¬5) أعاد المؤلف هذا الكلام في (ص45) بأبسط مما هنا.
(¬6) سيأتي رد المصنف عليهم (ص43 و45).
(¬7) في (خ): "ما استحسنه".
(¬8) سورة المائدة، الآية (93).

الصفحة 36