كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 2)

أفأكذب (¬1) عَلَى الْحَسَنِ (¬2)؟
وَعَنِ الأَثرم، عَنْ أَحمد بْنِ حَنْبَلٍ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ؛ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَمْرِو (2) بْنِ عُبَيْدٍ، فجاءَه عُثْمَانُ بْنُ فُلَانٍ، فَقَالَ: يَا أَبا عُثْمَانَ! سَمِعْتُ ـ وَاللَّهِ ـ بِالْكُفْرِ! قَالَ: مَا هُوَ؟ لَا تَعْجَلْ بِالْكُفْرِ؛ قَالَ: هَاشِمٌ الأَوقص زَعَمَ أَنَّ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ *} (¬3)، وَقَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا *} (¬4): لَمْ يَكُنْ هَذَا فِي أُم الْكِتَابِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {حم *وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ *إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ *} (¬5)، فَمَا الْكُفْرُ إِلَّا هَذَا؟ فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ تَكَلَّمَ فَقَالَ: وَاللَّهِ! لَوْ كَانَ الأَمر كَمَا تَقُولُ مَا كَانَ عَلَى أَبِي لَهَبٍ مِنْ لَوْمٍ، وَلَا كَانَ عَلَى الْوَحِيدِ مِنْ لَوْمٍ. قَالَ عُثْمَانُ ـ فِي مَجْلِسِهِ ـ: هَذَا وَاللَّهِ الدِّينُ. قَالَ مُعَاذٌ: ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ: فَذَكَرْتُهُ لِوَكِيعٍ، فَقَالَ: يُسْتَتَابُ قَائِلُهَا فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا ضربت عنقه (¬6).
¬_________
(¬1) في (خ): "فأنا أكذب"، وفي (م): "فأبى أكذب"، والمثبت من (غ) و (ر).
(¬2) حكاية عمرو بن علي عمن يثق به، عن عمرو بن عبيد: علّقها ابن عدي في "الكامل" (5/ 102) عن عمرو بن علي. وسندها ضعيف لجهالة من حدّث عمرو بن علي بها.
(¬3) سورة المسد: الآية (1).
(¬4) سورة المدثر: الآية (11).
(¬5) سورة الزخرف الآيات: (1 ـ 4).
(¬6) أخرج هذه القصة ابن عدي في "الكامل" (5/ 104 ـ 105) من طريق إسحاق، عن الأثرم، فذكرها بتمامها إلى قوله: "هذا والله الدين"، ونسب عثمان، فقال: "عثمان بن خاش، وهو أخو السميري"، ثم قال ابن عدي: "وحكى عمرو بن علي، عن مُعَاذٌ، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ: "فَذَكَرْتُهُ لِوَكِيعٍ؛ قال: يُسْتَتَابُ قَائِلُهَا، فَإِنْ تابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ".
ومعاذ هو ابن معاذ العنبري. وسند القصة صحيح، عدا قول وكيع، فإن ابن عدي علقه عن عمرو بن علي، عن معاذ، ولم يسنده، وأسنده الخطيب البغدادي في "تاريخه" (12/ 172) بسند صحيح.
وأخرج القصة من طريق معاذ دون قول وكيع: الفسوي في "تاريخه" (2/ 262)، والنسائي في "الكنى" ـ كما في "لسان الميزان" (5/ 136) ـ، والعقيلي في "الضعفاء" (3/ 284 ـ 285)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (4/ 813 رقم 1369 و1370)، والخطيب في "تاريخه" (12/ 170 ـ 171).

الصفحة 40