كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 2)
ولا يُعَدُّ خلاف أمثالهم خلافاً. فكلّ (¬1) ما اسْتَدَلُّوا (¬2) عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ الْفُرُوعِيَّةِ أَو الأُصولية فَهُوَ عَيْنُ الْبِدْعَةِ، إِذْ هُوَ (¬3) خُرُوجٌ عَنْ طَرِيقَةِ كَلَامِ الْعَرَبِ إِلَى اتِّبَاعِ الْهَوَى.
فَحَقٌّ مَا حُكي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَيْثُ قَالَ: "إِنَّمَا هَذَا الْقُرْآنُ كلام [الله] (¬4)، فضعوه على (¬5) مواضعه، ولا تتبعوا فيه (¬6) أهواءَكم" (¬7)؛ أَيْ: فَضَعُوهُ عَلَى مَوَاضِعِ الْكَلَامِ، وَلَا تخرجوه عن
¬_________
(¬1) قوله: "خلافاً فكل" سقط من (خ). وعلق رشيد رضا على قوله: "أمثالهم" بقوله: "أي لا يُعَدّ خلافاً فيذكر في المسائل التي يختلف فيها العلماء لتعارض الأدلة، إذ لا دليل عليه، ولا شبهة دليل؛ لأنه مبني على الغلط والجهل بمدلولات الألفاظ. قال الشاعر:
وليس كل خلاف جاء معتبراً
إلا خلاف له حظ من النظر"
(¬2) في (خ): "وما استدلوا".
(¬3) في (غ) و (ر): "أو هو".
(¬4) ما بين المعقوفين من مصادر التخريج.
(¬5) قوله: "على" ليس في (خ) و (م).
(¬6) في (خ) و (م): "به" بدل "فيه".
(¬7) أخرجه بهذا اللفظ الإمام أحمد في "الزهد" (ص62 رقم 191) من طريق رشدين، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عمر.
ورشدين هو ابن سعد، وهو ضعيف كما في "التقريب" (1953).
وابن شهاب الزهري لم يدرك عمر رضي الله عنه.
وقد أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (1/ 592 رقم 523) من طريق عبد الله بن وهب، عن يونس، به بلفظ: "القرآن كلام الله".
فهذه متابعة لرشدين، فيبقى الأثر ضعيفاً لإرساله.
وله طريقان آخران عن عمر رضي الله عنه.
الأول: طريق جرير، عن ليث بن أبي سليم، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء عبد الله بن هانئ، عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "إن هذا القرآن كلام الله، فلا أعرفنّكم ما عطفتموه على أهوائكم".
أخرجه الدارمي في "سننه" (2/ 440 ـ 441)، وعثمان بن سعيد في "الرد على الجهمية" (304)، وعبد الله بن أحمد في "السنة" (117 و118)، والآجري في "الشريعة" (168)، وابن بطة في "الإبانة" (21 الرد على الجهمية)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (521).
ورواه ابن بطة برقم (22) بلفظ: "إن هذا القرآن إنما هو كلام الله، فضعوه مواضعه".
ومداره على ليث بن أبي سليم وهو ضعيف، وفي "التقريب" (5721): "صدوق اختلط جداً، ولم يتميز حديثه فتُرك".
الثاني: طريق أبي عبد الرحمن السلمي؛ قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول على منبره: "أيها الناس! إن هذا القرآن كلام الله، فلا أعرفن ما عطفتموه=