كتاب الوجيز في أصول الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 2)

واطمأن عليه، فلا علينا من الطريق: تقليدًا كان أو نظرًا أو استدلالًا، واحتج أصحاب هذا القول بأدلة، منها:
١ - لو كان النظر واجبًا لفعله الصحابة، وأمروا به، والواقع أنهم لم يفعلوا، ولو فعلوا لنقل عنهم، كما نقل النظر في المسائل الفقهية.
ويردّ على هذا الدليل بأن معرفة الصحابة بالعقائد كانت مبنية على الدليل باعتمادهم على السليقة في الفهم، ومشاهدة الوحي، وكانوا مأمورين بالنظر كغيرهم، وهو ما أفادهم الطمأنينة، وأفاد غيرهم من عامة الناس بالأدلة الكافية من الوقائع والمشاهدات التي تفيد الإيمان، ولكثرة ذلك في خلق الإنسان والكون والحياة مما يفيد الدليل على وجود اللَّه، وكمال صفاته، وسلامته من النقص.
٢ - لو كان النظر في معرفة اللَّه واجبًا، لأدى إلى الدور، وهو توقف وجود الشيء على ذاته؛ لأن وجوب النظر المأمور به من اللَّه متوقف على معرفة اللَّه، ومعرفة اللَّه متوقفة على النظر.
ويردَّ على ذلك أنه لا دَوْر؛ لأن وجوب النظر الشرعي متوقف على معرفة اللَّه بوجه ما، ومعرفة اللَّه متوقفة على النظر بوجه أكمل بصفات الكمال وامتناع النقص، فهما أمران.
ولذلك فإن العقائد تحتاج للعلم بناء على اعتقاد جازم مطابق للواقع عن دليل، والتقليد يكون بلا دليل، فلا يقبل فيها (١).
القول الثالث: يجب التقليد في العقائد والأصول العامة، ويحرم النظر والاجتهاد، وهو قول بعض العلماء، لأن حجج العقول باطلة، وإن النظر
---------------
(١) فواتح الرحموت (٢/ ٤٠١)، المعتمد (٢/ ٤٠٢)، المحصول (٣/ ٢٦٤)، الإحكام للآمدي (٤/ ٢٢٣)، شرح تنقيح الفصول ص ٤٢٠، المسودة ص ٤٥٧، شرح الكوكب المنير (٤/ ٥٣٤)، مختصر ابن الحاجب (٢/ ٣٠٥)، تيسير التحرير (٤/ ٢٤٣)، نهاية السول (٣/ ٢٦٤)، إرشاد الفحول ص ٢٦٦، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١١٢٣). =

الصفحة 363