كتاب الوجيز في أصول الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 2)

الظاهر، وبحسب ما يتبادر إلى الذهن، ثم يزول بعد النظر والتأمل والبحث؛ لأن مصدر الأدلة الكلية والجزئية هو اللَّه سبحانه وتعالى؛ ولأن التعارض مبدئيًّا يعني التناقض والاختلاف والاضطراب، وهذا يستحيل أن يصدر من إنسان عاقل، فكيف يصدر من العليم الخبير الحكيم؛ وهذا ما بيّنه القرآن الكريم بقوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} [النساء: ٨٢]، لكن معظم الأدلة ظنية، فيقع بينها التعارض ظاهرًا (١).
٧ - ورد في الكتب اصطلاح التعارض، واصطلاح التعادل، وذهب بعض العلماء إلى التفريق بينهما تبعًا للغة، فالتعادل لغة: التساوي، وعِدْل الشيء مثله من جنسه أو مقداره، أما التعارض فهو التمانع، ومنه تعارض البينات؛ لأن كل واحد تعترض الأخرى، وتمنع نفوذها (٢).
بينما ذهب جماهير علماء الأصول إلى استعمال التعادل في معنى التعارض؛ لأنه لا تعارض إلا بعد التعادل، وإذا تعارضت الأدلة، ولم يظهر -مبدئيًّا- لأحدهما مزية على الآخر، فقد حصل التعادل بينها، أي: التكافؤ والتساوي (٣)، وسوف نسير مع رأي الجمهور بعدم التفريق بين التعادل والتعارض، واعتبارهما مترادفين.
ونتناول بحث التعارض والترجيح في ثلاثة فصول، وهي:
---------------
(١) تيسير التحرير (٣/ ١٦١)، مجموع الفتاوى (٢٠/ ٩)، اللمع ص ٧٠، شرح الكوكب المنير (٤/ ٥٩٩)، الإحكام للآمدي (٤/ ١٦٢، ٢٣٩)، مختصر ابن الحاجب (٢/ ٢٨٩، ٣٠٩)، الروضة ص ٣٥٢، ٣٧٢، ٣٨٦، المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٩٦، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١١٧١).
(٢) المصباح المنير (٢/ ٥٤٢، ٥٥١)، القاموس المحيط (٢/ ٣٣٤، ٤/ ١٤)، معجم مقاييس اللغة (٤/ ٢٤٧، ٢٧٢).
(٣) انظر: المحصول (٥/ ٥٠٥)، جمع الجوامع والبناني (٢/ ٣٥٧)، نهاية السول (٣/ ١٨٣)، فواتح الرحموت (٢/ ١٨٩)، البحر المحيط (٦/ ١٠٨، ١٠٩، ١١٢)، إرشاد الفحول ص ٢٧٣، التلويح على التوضيح (٣/ ٣٨)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١١٧١)، منهج التوفيق والترجيح ص ٤٦، وسيأتي المزيد من المصادر والمراجع =

الصفحة 404