جرى لفظ البيع في حديث أبي هريرة وسهل بن أبي حثمة وليس فيما ذكره أبو حنيفة بيع، وبما روي عن بعض الصحابة أنه قيل له: ما عراياكم هذِه؟
فقال: وسمى رجالًا محتاجين من الأنصار أنهم شكوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبًا يأكلونه مع الناس وعندهم فضول من قوتهم من التمر، فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونها رطبًا (¬1).
وفهم بعض الأصحاب من هذا الحديث اختصاص بيع العرايا بالمحتاجين، والأظهر تعميم الجواز، وإذا جاز فلا بد من التقابض بالتخلية فيما على رأس الشجر، والنقل من التمر.
وقوله: "فيما دون خمسة أوسق" في حديث أبي هريرة، يبيِّن القدر الذي استثني بيعه عن النهي، ولم يسق في "المسند" ما رواه مالك بتمامه، وتمامه ما رواه المزني في "المختصر" فقال: قال الشافعي: أبنا مالك، عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة- الشك من داود.
فيجوز بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق ولا يجوز فيما زاد
¬__________
(¬1) قال الزيلعي (4/ 13): هذا ليس في شيء من الكتب المشهورة، ولم أجد له سندًا بعد الفحص البالغ، ولكن الشافعي ذكره في كتابه في باب العرايا بغير إسناد.
وكذا ذكر الحافظ في "التلخيص" (3/ 29) وذكر أن البيهقي في "المعرفة" ذكره عن الشافعي معلقًا أيضًا، وقد أنكره محمَّد بن داود على الشافعي، ورد عليه ابن سريج إنكاره ولم يذكر له إسنادًا.