كتاب شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 2)

{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} (¬1) وقال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ} إلى أن قال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬2).
وعن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل يستلقي على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم حلالًا فأحلوه وما وجدتم حرامًا فحرموه" (¬3).
وما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الحديث [سيفشو] (¬4) عني، فما أتاكم عني يوافق القرآن فهو عني، وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني" (¬5). فقد قال الشافعي (¬6): ليس يخالف الحديث القرآن، ولكنه بيَّن المعنى والمراد خاصًّا وعامًّا، وناسخًا ومنسوخًا، ثم الناس يلزمهم ما بينه، فمن قبل عن رسول الله فعن الله قبل، قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (¬7).
على أن الحديث المذكور غير ثابت، فعن زكريا بن يحيى الساجي، عن يحيى بن معين أنه قال: هذا حديث وضعه الزنادقة.
وقوله: "يأتيه الأمر من أمري" يحسن حمله على الشأن والخطب
¬__________
(¬1) النساء: 65.
(¬2) النور: 63.
(¬3) رواه أبو داود (4604)، وابن ماجه (12).
وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2643).
(¬4) في الأصل: سيسفوا. تحريف، والمثبت من التخريج.
(¬5) رواه الشافعي في "الأم" (7/ 339) لكنه منقطع كما نقله السيوطي في "مفتاح الجنة" ص (22) عن البيهقي.
(¬6) "الأم" (7/ 340).
(¬7) الحشر: 7.

الصفحة 460