كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 2)

في الله لومة لائم. (¬1)
- وروى أبو داود بسنده إلى أبي الصلت قال: كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر، فكتب: أما بعد أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتباع سنة نبيه. إلى أن قال (¬2): كتبت تسأل عن الإقرار بالقدر فعلى الخبير -بإذن الله- وقعت، ما أعلم ما أحدث الناس من محدثة، ولا ابتدعوا من بدعة هي أبين أثرا ولا أثبت أمرا من الإقرار بالقدر، لقد كان ذكره في الجاهلية الجهلاء، يتكلمون به في كلامهم وفي شعرهم، يعزون به أنفسهم على ما فاتهم، ثم لم يزده الإسلام بعد إلا شدة، ولقد ذكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غير حديث ولا حديثين، وقد سمعه منه المسلمون فتكلموا به في حياته وبعد وفاته، يقينا وتسليما لربهم، وتضعيفا لأنفسهم، أن يكون شيء لم يحط به علمه، ولم يحصه كتابه، ولم يمض فيه قدره، وإنه مع ذلك لفي محكم كتابه: منه اقتبسوه، ومنه تعلموه، ولئن قلتم: (لم أنزل الله آية كذا؟ ولم قال كذا؟) لقد قرأوا منه ما قرأتم، وعلموا من تأويله ما جهلتم، وقالوا بعد ذلك: كله بكتاب وقدر، وكتبت الشقاوة، وما يقدر يكن، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا، ثم رغبوا بعد ذلك ورهبوا. (¬3)
- وجاء في أصول الاعتقاد: قال عمر بن عبد العزيز في أصحاب القدر: يستتابون فإن تابوا وإلا نفوا من ديار المسلمين. (¬4)
¬_________
(¬1) الشريعة (1/ 443).
(¬2) تقدم معنا في مواقفه من المبتدعة.
(¬3) أبو داود (5/ 19 - 20/ 4612).
(¬4) أصول الاعتقاد (4/ 785/1318) والإبانة (2/ 10/234/ 1837) والسنة لعبد الله (147).

الصفحة 20