كتاب تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة (اسم الجزء: 2)

قوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215).
وقوله: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ)، قال أبو موسى الأشعري، رضيَ اللَّهُ تعالى عنه، وآخر معه من الصحابة، رضوان اللَّه تعالى عليهم أجمعين، قالا: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً)، كلهم كفار إلى أن بعث اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فيهم النبيين.
وقال عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه -: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً)، مؤمنين كلهم زمن نوح، عليه السلام، الذين كانوا في السفينة إلى أن اختلفوا من بعد، فبعث اللَّه فيهم النَّبِيِّينَ.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً)، مؤمنين كلهم زمن آدم، عليه الصلاة والسلام، إلى أن أنزل اللَّه الكتاب عليهم وبعث فيهم الرسل.
ولو قيل بغير هذا كان أقرب.
قوله: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً)، يعني صنفًا واحدًا.
ومعنى الأمة معنى الصنف، كقوله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ

الصفحة 107