كتاب تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة (اسم الجزء: 2)

بلغ، والقصد في الآية إلى فرض طاعة الرسول، وأطيعوا الرسول في أمره ونهيه، كما أطعتم اللَّه في أمره ونهيه.

قوله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)
وقوله: - عَزَّ وَجَلَّ - (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ).
يحتمل أن يكون هذا موصولا بقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً)، أي: لا تأخذوا الربا أضعافا مضاعفة فتكثروا أموالكم، وحقيقته: وسارعوا إلى ما فيه وعد المغفرة من ربكم: بالإجابة له إلى ما دعا، والقيام به بحق الوفاء.
وقوله: (وَاتَّقُوا اللَّهَ) في استحلال الربا؛ لأن من استحل محرما فقد كفر، وحقيقته: اتقوا ما أوعدكم ربكم عليه النار.
وأصل الطاعة: الائتمار بأمر المطاع في كل أمر، فمن أطاع اللَّه فيما أمر، وأطاع رسوله - رحمه ربه، وفي الطاعة رحمة الخلق؛ على ما روي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " لَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تَرَاحَمُوا؛ قَالُوا: كُلُّنَا نَرحَمُ يَا رَسُولَ اللهَ؟ قَالَ: لَيسَ رَحْمَةَ الرجُلِ وَلَدَهُ؛ وَلَكِنَّهُ رَحْمَةٌ عَامَّةٌ ".
قوله: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ) في تحريم الربا، وأطيعوا الرسول: في تبليغه إليكم تحريم الربا والنهي عن أخذه.
(لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ): أي: ارحموا الناس وترحموهم في ترك أخذ الربا، ترحمون أنتم، وتنجون من النار ومن عذاب اللَّه.
ثم قال: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ).
أي: بادروا بالتوبة والرجوع عن استحلال الربا والترك عن أخذه، والمغفرة هي فعل اللَّه، لكنه - واللَّه أعلم - كأنه قال: بادروا إلى الأسباب التي بها تستوجبون المغفرة من ربكم، والمغفرة: هي الستر في اللغة.
ثم يحتمل وجهين:
يحتمل: ألا يهتك أستاركم في الآخرة إذا تبتم.

الصفحة 479