كتاب تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة (اسم الجزء: 2)

ْوقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ).
أي: عمّن ظلم.
وروي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه، قال: " مَا عَفَا رَجُلٌ عَمَّنْ ظَلَمَهُ إِلا زَادَهُ اللهُ بِهَا عِزًّا " ومن عفا عن الناس عن مظلمة - فقد أحسن بذلك؛ كما يقال: فلان يحسن بكذا؛ ولا يحسن.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
والإحسان يحتمل وجهين:
يحتمل: العلم والمعرفة:
ويحتمل: أن يفعل فعلًا ليس عليه من نحو المعروف والأيادي الذي ليس عليه، إنما فعله الإفضال، ذكر -هاهنا- المحسنين وحبه، وأخبر في الآية الأولى أن الجنة أعدت للمتقين بقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) ثم قال: (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)، وأخبر أن النار أعدت للكافرين.
ثم اختلفوا فيه: قَالَ بَعْضُهُمْ: من لم يكن من المتقين لم تعدّ الجنة له، فهو ممن أعدّت له النار، وهو قول الخوارج والبغاة.
وقال آخرون: إنه أخبر أن النار أعدت للكافرين، فهو إذا لم يكن كافرًا - ليس ممّن أعدت له النار، فهو ممّن أعدّت له الجنة.
وقال غيرهم: أخبر أن النار أعدت للكافرين وأخبر أن الجنة أعدت للمتقين، فوصف المتقين: فهم الذين اتقوا معاصيه، وتركوا مخالفة أمره ونهيه، فإذا كان قوم لهم مساوئ -

الصفحة 486